| أكبر مكتبة قصص للأطفال | |
|
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 4:59 pm | |
| القطرات الأربع كان في قديم الزمام، ملكٌ كبيرٌ حكيم، اسمه حسَّان.. وكان الملك حسان، يحبُّ الأذكياءَ، ويرفعُ قَدْرَهم، فهو يُقيم مُسابقةً، بينَ حينٍ وآخر، يطرحُ فيها سؤالاً واحداً، ومَنْ يجبْ عنه، يقلّدْهُ وساماً ملكيّاً رفيعاً. واليوم. هو يومُ المسابقةِ الكبرى.. الملك حسان في شرفةِ القصر، وحولَهُ الوزراء والقُوّاد.. والساحة الواسعة، تغصُّ بالبشر ،من رجالٍ ونساءٍ وأطفال، وكلُّ واحدٍ يقول في سِّرهِ : - ماسؤالُ اليوم ؟! لقد حضر الناسُ، من أقصى المملكة، ليسمعوا السؤالَ الجديد ... - ما أَغلى قطرةٍ في المملكة؟ - ومتى الجواب؟ - في مثل هذا اليوم، من العام القادم . *** وانصرف الناسُ، يفكِّرون في السؤال ... قال طفلٌ لأبيه : - إذا عرفْتُ أغلى قطرة، هل أنالُ وسامَ الملك؟ ابتسمَ والدهُ، وقال : - نعم يابني! قال الطفل : - قطرة العسل . - لماذا؟ - لأنها حلوةٌ ولذيذةٌ. وقالتْ طفلةٌ لأُمِّها : - أنا أعرفُ أغلى قطرة.. - ماهي؟ - قطرة العطر.. - لماذا؟ - لأنَّها طيِّبةُ الرائحة . *** وشُغِلَ الناسً بالقطرات، فهذا يقول : - إنَّها قطرةُ الزيت.. وذاك يقول : - إنَّها قطرةُ النفط .. وأكثرهم يقول : - سؤالُ الملكِ، ليس سهلاً، كما تظنّون ! فما القطرةُ التي يريد ؟! *** قال عقيل : - لن أهدأَ حتى أعرفَ الجواب .. وأقبلَ على مطالعةِ الكتب، ومصاحبةِ العلماء تارةً يقرأُ في كتاب ،وطوراً يصغي إلى عالم... مضتْ عدَّةُ شهور، ولم يصلْ إلى مايريد! وذاتَ يوم... زار عالماً كبيراً، فوجدَهُ مُنكباً على تأليفِ كتاب ... المحبرةُ أمامه والريشةُ في يده.. وفجأة .. لمع في ذهنه الجواب : - إنها قطرةُ الحبر! رمزُ العلوم والأدبْ لولاها ضاع تراثنا .. لولاها ماكانتْ كُتُبْ *** وفي مكانْ آخرَ من المملكة، كان ربيعةُ يمشي تعِباً، في أرضٍ قاحلة جرداء .. اشتدَّ به العطش، ولم يعثرْ على ماء! ظلَّ يسيرُ حتى وهنَتْ قواه، وأشرفَ على الهلاك . - ماذا يعمل ؟! وقف يائساً ، ينظرُ حوالَيه .. شاهدَ بقعةً خضراء ! لم يصدِّق عينيه، وقالَ مُستغرباً : - الأرضُ الميتةُ، لا تنتجُ خضرة! ومع ذلك .. سارَ نحو البقعة الخضراء، يدفعه أملٌ جديد... وعندما وصل إليها ،وجد الماء ! أقبل عليه فرِحاً، يشربُ ويشربُ، حتى ارتوى تماماً.. حمد الله، وقعد يستريح، ويتأمَّلُ المياه، وما يحيط بها، من عشبٍ غضٍّ، ونبتٍ نضير... وتذكرَّ سؤال الملك، فنهض واقفاً، وقال : - لقد عرفتُ أغلى قطرة ! إنَّها قطرةُ ماء فيها أسرارً الحياة إنَّها قطرةُ ماء *** واختلط الحارثُ بأصنافِ الناس ... شاهدَ البنَّاءَ الذي يحوِّلُ كومةَ الأحجارِ إلى قصر جميل، وشاهد النجارَ الذي يصنعُ من جذعٍ غليظِ خزانةً أنيقة... وشاهد الفلاح الذي يحوِّلُ أرضه البَوار إلى جنَّةِ أشجارٍ وثمارٍ شاهد وشاهد كثيراً من العمال، الذين يعمرون الوطن، ويسعدون البشر وشاهد قطرات العرق، تزين جباههم السُّمر.. عادَ مسروراً ،وهو يقول : - عرّفْتُها.. عرَفْتُها ... إنَّها قطرةُ العَرَق ! رمزُ النشاطِ والعملْ تكرهُ كلَّ القاعدينْ كأنَّها لؤلؤةٌ تهَوى جِباهَ العاملينْ *** أمْا طارق ، فقد وصلَ في أسفارهِ، إلى جنوب البلاد... وجد الناسَ في هرج ومرج... سأل عنِ الخبر، فقيل له : - لقد اجتاز الأعداءُ حدودَ مملكتنا.. دخل السوقَ، فسمع كلماتٍ غاضبة: - الأعداءُ يقتلون ويحرقون ! - إنَّهم يخربون مابناه العمال ! - ويفسدون زروعَ الفلاحين ! - ويلقون كتبَ العلماءِ في النهر! - مياههُ تجري سوداء! - حياتنا أشدُّ سواداً ! - هيّا إلى الجهاد ! - هيّا إلى الجهاد ! انضمَّ طارقٌ إلى المجاهدين، وانطلقوا جميعاً إلى الحرب، يتسابقون إلى الموت، ويبذلون الدماء، حتى أحرزوا النصر، وطردوا الأعداء ... عادت الأرضُ حرَّةً .. وعادتِ الحياةُ كريمةً وعادَ الناسُ فرحين، يحملون شهداءهم الأبرار.. سقطَتْ على يد طارق، قطرةُ دمٍ حمراء ،نظر إليها طويلاً، وقال : أنتِ أغلى القطرات أنتِ رمزٌ للفداء أنتِ عزٌّ للحياة أنتِ روح للضياء *** مضى عامٌ كامل، وحانَ موعدُ الجواب .. الملك حسان في شرفةِ القصر، وحولَهُ الوزراءُ والقُوّاد.. والساحة الواسعةُ، تغصُّ بالبشر، من رجالٍ ونساءٍ وأطفال ... وكلُّ واحدٍ يقول في سرِّه : - مالجوابُ الصحيح ؟! لقد حضر عقيل، ومعه قطرةُ حبر . وحضر ربيعة، ومعه قطرةُ ماء . وحضر الحارث، ومعه قطرةُ عرق . وحضر طارق، ومعه قطرةُ دم.. إنَّهم أربعةُ رجال، يحملون أربعَ قطرات .. والسؤالُ الآن : - مَنْ سيفوزُ بالوسام ؟! | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 4:59 pm | |
|
رَجُل من قَشّ في قريتنا كَرْمٌ فسيح ، يملكه " سحلول " البخيل .. حلَّ فصلُ الصيف، وأينعتْ عناقيدُ العنب .. فرحتِ العصافيرُ كثيراً، وطارتْ مسرعةً إلى الكرم ، وعندما صارتْ قربه.... قال عصفورٌ مُحذِّراً - ها هوذا رجلٌ يقفُ وسطَ الكرم! قال آخر : - في يده بندقية! قال ثالث : - يجب ُ ألاّ نعرّضَ أنفسنا للخطر .. خافتِ العصافيرُ، وولَّتْ هاربةً.. في اليوم الثاني .. استفاقتِ العصافيرُ باكراً، وهرعَتْ إلى الكرم، آملةً أنْ تصله، قبلَ الرجل المخيف .. وهناك.. فوجئَتْ برؤيةِ الرجلِ واقفاً، لم يبارحْ مكانه! رمقَتْ بندقيته خائفةً وانصرفتْ حزينةً ..غابَتْ أيّاماً.. ملَّتِ الصبرَ والانتظار، ازداد شوقها إلى الكرم، قصدَتهُ من جديد.. وكم كانتْ دهشتها عظيمةً ، وحينما شاهدَتِ الرجلَ منتصباً، في مكانه نفسِهْ، كأنَّهُ تمثال! لم تجرؤ العصافيرُ على دخولِ الكرمِ.. لبثتْ ترقبُ الرجلَ عن بُعد.. مرَّ وقتٌ طويل.. لم ينتقل الرجلُ من مكانه .. قال عصفورٌ ذكيّ : - هذا ليس رجلاً ! قال آخر : - أجل ... إنَّهُ لا يتحرَّك! قالتْ عصفورة: - عدَّةُ أيامْ مضتْ، وهو جامدٌ مكانه ! قال عصفورٌ جريء: - سأمضي نحوه ،لاكشفَ أمره وقالتْ له أمُّهُ : - أتُلقي بنفسك إلى التهلكة ؟! قال العصفور الجريء: - في سبيل قومي العصافير، تهونُ كلُّ تضحية ... ثم اندفعَ بشجاعةٍ تجاه الرجل .. نزلَ قريباً منه ..تقدَّم نحوه حذِراً.. لم يتحرَّكِ الرجل ... تفرَّسَ في بندقيته.. ضحكَ من أعماقه .. إنَّها عودٌ يابس! حدَّقَ إلى وجههِ، لم يرَ له عينين ... اطمأنَّ قلبه .. خاطبه ساخراً : - مرحباً يا صاحب البندقية! لم يردَّ الرجل.. كلَّمهُ ثانيةً .. لم يردَّ أيضاً .. قال العصفورُ هازئاً : - الرجلُ الحقيقيّ، له فمٌ يُفتّحُ، وصوتٌ يُسمع! طارَ العصفور.. حطَّ على قبعةِ الرجلِ.. لم يتحرَّك.. نقرَهُ بقوّةٍ ... لم يتحرَّك.. شدَّ قبعته، فارتمت أرضاً ... شاهدتْ ذلك العصافيرُ، فضحكتْ مسرورةً، وطارتْ صَوْبَ رفيقها، ثم هبطتْ جميعها فوق الرجل ... شرعتْ تتجاذبه بالمخالبِ والمناقير.. انطرحَ أرضاً.. اعتلَتً صدره، تنقره وتهبشه ... انحسرَ رداؤهُ ,... تكشَّفَ عن قشِّ يابس !! قالت العصافيرُ ساخرة : - إنَّهُ محشوُّ بالقَشّ ... قالتْ عصفورة : - كم خفنا من شاخصٍ لا يُخيف! قال آخر : - لولا إقدامُ رفيقنا، لظللنا نعيشُ في خوف . قال عصفورٌ صغير : - ياللعجب.. كان مظهره يدلُّ على أنَّهُ رجل! قال له أبوه : - لن تخدعنا بعدَ اليومِ المظاهر .. غرَّدت العصافيرُ، مبتهجةً بهذا الانتصار، ثم دخلَتْ بينَ الدوالي ، فاحتضنتها الأغصان بحبٍّ وحنان .. | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:00 pm | |
| [size=29] ثَور السّلطان في قديم الزمان.. عاشَ ذلك السلطان .. وكان عنده، ثورٌ أسود، ضخمٌ كبير، كأنَّهُ البنيان! رأسه كالصخر، قرونه كالحديد .. إذا سارَ، هزَّ الأرض .. وإذا خارَ، غلبَ الرعد.. وكان ذلك السلطان، لا يشبعُ من النظرِ إليه، ولا يملُّ من الحديث عنه، وقد جعلَ له خدماً كثيرين، يعنونَ به ويحرسونه .. خادمٌ يطعمهُ ، وخادمٌ يسقيه . خادمٌ ينظِّفُهُ، وخادمٌ يداويه .. خادمٌ ينزِّههُ، وخادمٌ يحميه .. السلطانُ يحبّهُ كثيراً، والناسُ يكرهونه كثيراً.. لماذا ياترى ؟ تعالَ لنرى .. *** الشارع مملوءٌ بالناس.. مابينَ شارٍ أو بائع، مابينَ ماشٍ أو قاعد .. هذا يعمل، ذاكَ يضحك ولدٌ يجري، بنتٌ تلعب شيخُ يمشي على عكّاز أمٌّ تحملُ طفلاً يرضع أخرى تمشي، تسحبُ طفلة حلوة حلوة، مثل الفلَّة الشارعُ مملوءٌ بالناسِ. وفجأة ... جاءَ الصوت، مثل الموت : - خرجَ الثورُ.. خرجَ الثورُ ..!! دبَّ الرعبُ بينَ الناسِ .. هذا يركض، ذاك يركض .. يهربُ يهربُ كلُّ الناس .. وقعَ الشيخُ على العكاز مرَّ الثورُ، وداسَ الشيخ تركَ الشيخَ، ونطحَ الطفلة لكنَّ الطفلةَ ما ماتتْ، فاللَّهُ رحيمٌ بالأطفال ومضى الثورُ إلى البستان. كسرَ الغرسَ، أكلَ الزرع َ خرَّب اسوارَ البستان حلَّ الليلُ. وعادَ الثورُ إلى السلطان. حلَّ الليلُ ... وباتَ الناسُ مع الأحزان .. *** هكذا كان يفعل الثور .. يخرجُ مهرولاً كالغول، فيختفي الرجال، وتتوقَّفُ الأعمال، ويتركُ الأطفالُ ألعابهم، ويهربون إلى البيوت، فتحضنهم أمهاتهم خائفات ويغلقْنَ دونهم الأبواب . وتنظرُ العيونُ من الشقوق .. - هل أوقفه أحدٌ عند حدِّهِ ؟ - لا ... - لماذا؟ - خوفاً من السلطانِ وجندهِ.. وصبرَ الناسُ محزونين، ينتظرون رحيلَ الظلم.. قال الشيوخ : - الظلمُ لن يرحل - لماذا؟ - لأنكم تقبلونه - ومالعمل ؟! - إذا رفضتم الظلم، لن يبقى ظالمون *** ذاتَ يوم، والعيونُ غافلة .. أسرع رجالٌ شجعان، وقبضوا على الثور ألجموا فمه، وعصبوا عينيه ربطوا قوائمه بالحبال، وصاروا يشدُّونها بقوَّة. غضبَ الثورُ وهاجَ، مدَّ رأسه وقرنيه، واندفعَ.. كالبركان، فاصطدمَ بالجدار، وسقط على الأرض ... هجمَ عليه الرجال، ووقعوا على رقبتهِ، يذبحونه جاهدين.. الدمُ الأحمر، يدفقُ ويدفق .. نهضَ الثورُ قويّاً، واندفعَ يجري، ثم وقعَ كالتّل، وسكنَتْ حركته، وفارق الحياة.. تركه الرجال، واختفوا في الحال *** علم السلطان بمقتل الثور، فجنَّ جنونه، واستدعى جنودّهُ وخاطبهم قائلاً : - أيُّها الجنود! لقد جاء يومكم، فابحثوا عن المجرم اللعين إنْ كان في الأرض فاخرجوهُ ،وإنْ كان في السماء فأنزلوه، والويل ثم الويل لكم إن لم تجدوهُ..! انتشر العساكرُ والأعوانُ، في كلِّ بقعةٍ... ومكان.. يطوفونَ ويبحثون .. يراقبونَ ويسألون .. ومرَّتِ الأيام، تتبعها الأيام .. وأخفق الجنود، وعادوا للسلطان لم يحصلوا على خبر، أو يعثروا على أثر! *** في اليوم التالي ، كان منادي السلطان، ينتقلُ من مكان إلى مكان، وينادي بين الناس : جائزةٌ كبيرة ألف دينار يأخذها من يخبر السلطان عن قاتل الثور جائزةٌ كبيرة .. ألف دينار .. بُحَّ صوته، والناسُ ساكتون .. وانصرفَ المنادي، وضاعَ النداء *** اغتاظ السلطانُ كثيراً، فجمع وزراءه وقال : - هل تعلمون أحداً يكرهُ ثوري؟ - الرعيَّةُ كلُّها تحبّهُ يامولانا! - هل أوقعَ ضرراً بأحد؟ - ثورُ السلطان لا يعرفُ الضرر. - هل كان أحدٌ يتمنَّى هلاكَه؟ - الناسُ جميعهم يدعون له بالحياة - ألَمْ يفرحْ أحدٌ لموته ؟ - الرعيةٌ جميعها حزينةٌ لفراقه. جُمِعَتِ الرعيّةٌ، أمامَ القصر، وخرجَ السلطانُ، فخطبَ وقال: - أيُّها الشعبُ الطيِّب! لقد بلغني حبّكم للثور، وحزنكم على فراقه، فعزمتُ على شراءِ ثورٍ آخر، لا مثيلَ له بين الثيران، في جميع الممالكِ والبلدان ، و.. وصرخ الأطفال : - لا نبغي ثوراً يرعبنا - لا نرضى العيشَ مع الثيران! وصرخ الرجال : - إنْ جاءَ الثورُ سنقتله - إنْ جاءَ الثورُ سنقتله واشتعل الغضبُ، وماجتٍ الحشود، كالبحر إذ يموج، وارتفع الهتاف، يدوِّي كالرعود، فارتجفَ السلطان، ودخل القصر ،وغلَّق الأبواب .. *** في الصباح الباكر .. شاع النبأْ العظيم، كالنارِ في الهشيم : - لقد اختفى السلطان ! - لقد اختفى السلطان ! فقامَتِ الأفراح ،وزالَتِ الأحزان، وعادتِ الحياة، تسيرُ في أمان هذا يعمل، وذاك يضحك شيخٌ يمشي على عكاز. وأمٌ تحملُ طفلاً يرضع .. أخرى تمشي تسحبُ طفلة حلوة حلوة، مثل الفلَّة . تنقزُ في فرحٍ وأمان. فالثورُ الأحمقُ لن يظهر . والظلمُ ولَّى مع السلطان . *** مضى زمانٌ وزمان، وقصةُ ثورِ السلطان، تنتقلُ من جيلٍ إلى جيل .. يحكيها الآباءُ للأبناء وتحكيها الأمهاتُ للبنات .. الصغارُ ينصتون ، والكبارُ يقولون : في قديمِ الزمانِ .. عاشَ ذلكَ السلطان .. | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:01 pm | |
| الأجرّة العجيبة كانَ رجلٌ فقير، يعولُ أسرةً كبيرةً .. كثرَتْ نفقاتُ أسرتهِ.. وقلَّ العملُ في قريتهِ، فعزمَ على السفرِ، بحثاُ عن الرزقِ.. ودَّعَ زوجته وأولاده، ومضى ينتقلُ من بلدٍ إلى آخر.. وصلَ إلى مدينةٍ على ساحلِ البحرِ.. وجدَ رجالاً ينقلون صخوراً، وعلى رأسهم رجلٌ مهيبٌ، يشجّعهم على العمل، ويحثَّهم على السرعة .. وقفَ عندهم، وسأل أحدّهم: - منْ هذا الرجلُ ؟ - إنَّهُ حاكم البلد.. - لماذا يقف هنا؟ - ليراقبَ العمل .. انضمَ الرجلُ إلى العمال، ينقلُ معهم الصخور، دون أن يعرفَ الأجور.. صارَ يسرعُ إلى الحجر الكبير، فيحمله على كتفه '، ويضعه في المكان المراد، فإنْ لم يجدْ حجراً كبيراً، حملَ حجرين صغيرين، بينما رفاقه لا يحملون إلا حجراً واحداً، ينتقونه من الأحجار الصغار .. رأى الحاكمُ نشاطَ الغريبِ، فأُعجبَ به أيَّما إعجاب، ولاحظ الغريبُ نظراتِ الحاكم، فأيقنَ أنَّهُ سينال أجرةً وافية، تفوقُ أجورَ الآخرين، فضاعفَ جهودهُ، وزادَ سرعتهُ ... انتهى النهار، وحانَ وقتُ استيفاءِ الآجار .. اصطفَّ العمالُ، بعضهم وراء بعض، وانتصبَ الحاكمُ أمامهم، فشرعوا يمرُّون أمامه، وكلَّما جاءه واحدٌ، أثنى عليه، وقال له : - عافاك الله وربّما قالها لبعضهم مرّتين .. وجاءَ دورُ الغريبِ، فصافحه الحاكمُ بحرارة..وقال له : - عافاك الله، عافاك الله، عافاك الله .. فرح الغريبٌ، وقال في سرِّهِ : - سأحظى بأجرةٍ وافرةٍ . انتهى الثناءُ والكلام، وانصرفَ الحاكم، وبقي العمال.. سألَ الغريب ُ : - متى سنأخذُ الأجرة؟ - لقد أخذتَ أجرك - لم آخذْ شيئاً! - بل أخذتَ أكثر منّا جميعاً .. - كيف ؟! - الحاكمُ قال لك " عافاك الله " ثلاث مرّات! - وهل هذه هي الأجرة ؟! - نعم .. - هذا كلامٌ وثناء! - حاكمنا يوزِّعُ مدحه بحسبان، ولا يُظلَمُ لديه إنسان .. أطرقَ الغريبُ يفكِّر.. إنَّهُ جائع، وليس معه نقود .,. خطرَ له خاطر .. نهض مسرعاً، وتوجَّهَ إلى السوق.. دخلَ مطعماً، وطلبَ طعاماً .. أكل حتى شبع، ثم قام لينصرف.. أمسكه صاحبُ المطعم، قال : - أين ثمنُ الطعام؟ - مدَّ يدَكَ .. مدَّ صاحبُ المطعمُ يده، فصافحه الغريبُ بحرارة، وقال له : - عافاك الله، عافاك الله، عافاك الله .. دُهشَ صاحبُ المطعم، وقال غاضباً : - أريدُ نقوداً . - لقد أعطيتك - لم تعطني شيئاً! - أعطيتك عُملةَ الحاكم - هل أنتَ مجنون ؟! - لستُ مجنوناً .. - هيّا معي إلى الحاكم. أخذ صاحبُ المطعم الغريبَ، وذهبا إلى حاكم البلد، وحينما وقفا بين يديه، قال صاحبُ المطعم : - هذا الرجلُ أكلَ طعامي، ولم يدفع الثمن - نظرَ الحاكمُ إلى الغريب فعرفه.. قال له : - لمَ لا تدفعُ له ثمنَ طعامه ؟ - لقد دفعت - ماذا دفعت - دفعتُ له عملتك - أيَة عملة ؟ - عملة " عافاك الله " التي أعطيتني إياها. ضحك الحاكمُ طويلاً، ثم أعطى صاحبَ المطعم، قيمةَ وجْبَتهِ، وأبطلَ تلك العادة، كي لا تشيع الفوضى في مملكته .. | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:02 pm | |
| الفراخ الثلاثة تنفَّسَ الصباح، يرشُّ الندى، ويرسلُ الضياء. وداعبَتْ أناملُ النسيم، أغصانَ الشجرةِ الفارعة، فتمايلَتْ ناعمةُ ناضرة .. وفتحتِ العصفورة عينيها، فبادرَتْها الشجرةُ قائلةً : - صباح الخير يا صديقتي العصفورة! - صباح الخير يا صديقتي الشجرة.! - هل استيقظَ صغارك ؟ - لم يستيقظوا بعد - هذا دأبهم كلَّ يوم.. يتأخّرون في النوم - سأتركهم قليلاً، لأجلبَ لهم طعام الفطور - إذهبي ولا تقلقي، إنَّهم في أحضاني. ألقتِ العصفورةُ على فراخها، نظرةَ حبٍّ وحنان، ثم رفرفتْ بجناحيها، وطارتْ في الفضاء.. ظلَّ الفراخُ الثلاثةُ، في عشِّهم الدافئ، وعندماارتفعتِ الشمسُ، فركوا عيونهم، وأفاقوا من نومهم، فلم يجدوا أمَّهم .. انتظروها طويلاً، ولكنَّها لم ترجعْ! آلمهم الجوع، وأصابهم الجزع .. قال أحدهم خائفاً : - أرجوا أنْ تسلمَ أمُّنا من الصيادين واضافَ آخر : - ومن الطيور الجارحة .. وقال الثالث : - احفظها لنا يارب ! سمعتِ الشجرةُ حديثَ الفراخ، فأوجستْ منه خيفةً، غير أنَّها كتمَتْ مشاعرَها، وقالتْ مُواسيةً : - لا تجزعوا ياصغاري، ستعودُ أُمّكم قريباً - لقد تأخّرَتْ كثيراً! - كَسْبُ الرزقِ ليس سهلاً .... غداً تكبرون وتعرفون صمتَ الفراخُ الثلاثة، ونهضَ الفرخُ الأكبرُ، إلى حافَّةَ العشّ، ليرقبَ رجوعَ أُمَّهِ.. تدحرجَتْ حبّةُ قمحٍ كانت تحته .. رآها أخوهُ الأصغر، فصاح مسروراً : - هذه حبةُ قمح ! التفتَ الفرخُ الأكبرُ، وقال : - إنَّها لي - ليستْ لك - لقد كانت تحتي - أنا رأيتها قبلك لن تأخذَها أبداً .. اختلف الأخوانِ، وأخذا يتعاركان .. ومكثَ أخوهما الأوسط، ينظرُ إليهما ويتفرَّج.. حاولت الشجرةُ إنهاءَ النزاع، فلم يستجبْ لها أحد. قالتْ للفرخ الأوسط : - لمَ لا تصلحُ بينَ أخويك؟ - لا أتدخَّلُ فيما لا يعنيني .. - بل يعنيك ! - كيف؟ - أنتم إخوةٌ تعيشون في عشٍّ واحد.. -سأبقى بعيداً عن المتاعب - لن ترتاحَ في عشٍّ يسودُهُ النِّزاع. - لا أتدخّلُ فيما لايعنيني - أوقفتِ الشجرةُ الحوار ، فالفرخُ عنيد، والكلامُ معه لا يفيد.. لم ينتهِ النزاعُ بينَ الفرخين .. هذا ينقرُ بمنقاره، وذاك يخمشُ بأظافره.. تعبَ الفرخُ الأصغر.. رفع قشَّةً صلبةً، وضربَ أخاه الأكبر.. انتحى هذا جانباً.. أصابت القشةُ عين الفرخِ الأوسطِ، فبدأ يصرخُ متألّماً .. جاءَهُ أخوه الأصغر، وأخذَ يعتذرُ إليه وجاءَهُ أخوه الأكبر، وشرع يمسحُ له عينيه .. وعندما سكنَ ألمهُ، تذكَّرَ قولَ الشجرة " لن ترتاحَ في عشٍّ يسودهُ النزاع "، فأصلح بين أخويه، واعتذرَ الصغيرُ لأخيه الكبير ،وقبَّلَ الكبير أخاه الصغير، وزالَ الخلافُ بينهم ،وعادَ الحبُّ إلى عشّهم .. قال الفرخ الأوسط : - أين الحبَّة ؟ - لماذا ؟ - سأقسمها بينكما .. بحثَ الفرخانِ عن الحبّةِ، فلم يجدا شيئاً! قال الفرخ الكبير : - لقد ضاعتْ بين القَشِّ.. وقال الفرخ الأصغر : - ربما سقطتْ خارجَ العش .. حزن الفراخُ الثلاثة، على الحبّةِ الضائعة .. قالتِ الشجرة : - افرحوا ياأحبّائي، واتركوا الحزن. - كيف نفرحُ وقد ضاعت الحبّة ؟! - الحُبُّ الذي عادَ إليكم، أفضلُ من الحبّة بكثير - صدقْتِ والله ! قالتِ الشجرة : - عليكم أن تصلحوا العشَّ، قبلَ عودةِ أُمِّكم .. نظر الفراخ إلى العش، فأدهشهم ما أصابه من تخريب!! قالتِ الشجرة : - لقد مات أبوكم دفاعاً عن هذا العش . - وماالعملُ الآن ؟ - ابنوا بالحُبِّ، ماخربتم بالخلاف - لن نختلفَ بعد اليوم أسرعَ الفراخُ الثلاثة، يعملون متعاونين، فأصلحوا العشَّ، ورمَّموا جوانبه، وحينما فرغوا من عملهم، تأمَّلو العشَّ الجميل، وتبادلوا نظراتِ المودَةِ، فأشرقَتْ وجوههم سروراً. وفجأة .. صاحتِ الشجرة : - لقد عادتْ أُمّكم ... لقد عادتْ أُمّكم هبَّ الفراخُ يزقزقون، ويرقصون، فتعالتْ فوق العشِّ، أغاني الحبِّ والفرح .. | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:02 pm | |
|
الذَهب والتراب وقفَ المعلمُ صالح، أمامَ تلاميذه الصغار، وسألهم قائلاً :
- أيُّهما أغلى : الذهبُ أم التراب؟ قال التلاميذ : - الذهبُ أغلى من التراب وقال أحمد : - الترابُ أغلى من الذهب ضحكَ التلاميذُ جميعاً.. قال المعلم صالح : - أصبْتَ الحقيقةَ يا أحمد! سألَ التلاميذُ دهشين : - كيف .؟! قال المعلم صالح : - اسمعوا هذه القصة، وستعرفون الحقيقة قال التلاميذ : - نحن منصتون، فما القصة .؟ قال المعلم صالح : يُحكى أنَّ رجلاً هرِماً، اشتدَّ به المرضُ، فدعا ولديه، وقال لهما : - ياولدَّيَّ.. لقد تركتُ لكما أرضاً، وهذا الكيسَ من الذهبِ ، فَلْيخترْ كلٌّ منكما مايشاء قالَ الولدُ الأصغر : - أنا آخذُ الذهب .. وقالَ الولدُ الأكبر : - وأنا آخذُ الأرض .. وماتَ الأبُ بعد أيام، فحزن الولدان كثيراً، ثم أخذ كلُّ واحدٍ نصيبه، من ثروة أبيه، وبدأ الولدُ الأكبر، يعملُ في الأرض، يبذرُ في ترابها القمح، فتعطيه كلُّ حبّةٍ سنبلةً، في كلِّ سنبلةٍ مئةُ حبة، وبعدما يحصدُ القمحَ، يزرعُ موسماً آخر، وثروته تزدادُ يوماً بعد يوم.. أمّا الولدُ الأصغر، فقد أخذَ ينفقُ من الذهب، شيئاً بعد شيء، والذهبُ ينقصُ يوماً بعد يوم، وذاتَ مرّةٍ، فتحَ الكيسَ، فوجدهُ فارغاً! ذهب إلى أخيه، وقال له وهو محزون :
- لقد نفدَ الذهبُ الذي أخذتهُ. - أمَّا ما أخذتُهً أنا فلا ينفدُ أبداً .. - وهل أخذْتَ غيرَ أرضٍ مملوءةٍ بالتراب ؟! أخرجَ الأخُ الأكبرُ، كيساً من الذهب، وقال : - ترابُ الأرضِ، أعطاني هذا الذهب قال الأخُ الأصغر ساخراً : - وهل يعطي الترابُ ذهباً ؟! غضبَ أخوه ،وقال : - الخبزُ الذي تأكُلهُ، من تراب الأرض والثوبُ الذي تلبسُهُ، من تراب الأرض خجل الأخُ الأصغر، وتابعَ الأكبرُ كلامه - والثمارُ الحلوةُ، من ترابِ الأرض
والأزهارُ العاطرةُ، من تراب الأرض ودماءُ عروقك ،من ترابِ الأرض قال الأخ الأصغر : - ما أكثرَ غبائي وجهلي !! - لا تحزن يا أخي ! - كيف لا أحزنُ، وقد أضعْتُ كل شيء ؟! - إذا ذهبَ الذهبُ، فالأرضُ باقية. - الأرضُ لك، وأنتَ أوْلى بها .. - دَعْكَ من هذا الكلام، وهيّا معي إلى الأرض ذهبَ الأخوانِ إلى الأرض، فوجدا القطنَ الأبيضَ، يميلُ فوقها ويلمع .. امتلأ الأخوان فرحاً ،وهتفَ الأخُ الأصغرُ :
يا أرضَنا الكريمةْ
يامنبعَ العطاء
يا أمَّنا الحبيبة
نفديكِ بالدماء
| |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:03 pm | |
| نـزهـة فرح أقبلَ الصباحُ المشرق، استيقظتِ الطبيعةُ من سُباتها، وبدأتْ تمارسُ عملها النبيل، في نشر الجمالِ والفرح.. الأزهار البديعة، افتتحتْ معرضَ ألوانها، وشرعتْ تنفحُ بالشذا والعبير العصافير تغرِّدُ طروبة، وتنثر حولها الألحان، المرج الأخضر، فرش بساطه الناعم، لاستقبال الزائرين. ورشَّ الندى، قطراتِهِ الوضيئة ، فتلألأ الشجرُ والمرجُ والزهر وانسابَ النهر، رائقاً صافياً، يرسم لوحاتٍ خضراء، حيثما سار ومرَّ الهواء بالنهر، فغسل وجهه ،وانطلق نقياً نظيفاً، ينعشُ النفوس، ويداعبُ الغصون، وحينما وصل إلى الأزهار، أعطْتهُ رسالتها العطريّة، ليحملها إلى كلِّ منْ يلقاه.. في هذا اليوم الجميل، خرج للنزهة، ثلاثةُ أولاد .. طافوا في أرجاء الطبيعة الوادعة، فأحسنت استقبالهم، ومنحتهم كلَّ ماتملك، من متعةٍ وجمال.. وعندما جاعوا، جلسوا على المرج الأخضر، وأخرجوا طعامهم، وأخذوا يأكلون، وبعدما شبعوا، غادروا المرج، تاركين على بساطه الأخضر، عظاماً متناثرة، وقِطع دهن، وقشِر فاكهة، سرعان ماأصبحَتْ مرتعاً للذباب والجراثيم، ومبعثاً للروائح الكريهة، و حزِنَ المرجُ الأخضر، ذهب الأولاد إلى النهر، وقفوا على شاطئه، يتأمَّلونه مسرورين، كانت مياهه مرآةً صافية، ترنو إليها الغصونُ الناضرة، فترى صورتها على صفحة المياه، وتسبح فيه بطاتٌ جميلة، تتهادى كأشرعةٍ بيضاء.. أخذ الأولاد، يرمون البطاتِ بالعُلَب الفارغة .، والقمامة المختلفة .. هربَتِ البطاتُ بعيداً، وظلَّتِ العلبُ والقمامة، تطفو وتسبح، أمام أعينِ الأولادِ، فراقهم منظرها، وجعلوا يلقون في النهر، كلَّ ماتصل إليه أيديهم .. تلَّوثت مياهُ النهر، ورحل عنها الصفاء.. حزنتِ الأغصانُ المتدلِّية، وفقدتْ صورتها المرسومة على المياه انصرف الأولاد فرحين، تراكين وراءهم، نهراً عكِراً حزيناً .. وصل الأولادُ إلى شجرة فارعة، جلسوا تحتها، وأشعلوا النار، لإعداد الشاي .. تصاعد دخانٌ كثيف ،من الحطب المحروق، لوَّثَ الهواءَ، وشوَّهَ زرقةَ السماء .. حزنتِ الأشجارُ والأزهار، وصارت تتنفَّسُ هواءً فاسداً وحزن الهواءُ ،فاسودَّ وجهه، وترك - مرغماً - رسالته العطريّةِ، وحمل رسالةَ الدخانِ الأسود، ليوصلها إلى كلِّ مَنْ يلقاه .. أقبل المساءُ ،وانتهتْ نزهةُ الأولاد، فعادواإلى بيوتهم مسرورين، وحدَّثوا أهلَهم عن جمالِ الطبيعة، ونزهة الفرح !!*** | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:03 pm | |
|
الألــوان أخضرُ ... أسودُ ... أصفرْ
أزرقُ .. أبيضُ ...أحمرْ
... قال القمرُ :
لوني فِضِّي
هو ينتشرُ
فوق الأرضِ
.... همستْ شجرهْ :
ورقي أخضرْ
قالت زهرهْ:
لوني أحمرْ
.... صاح الليلُ :
ردائي أسودْ
وهو قديمٌ
لا يتجدّدْ
.... قال البحرُ:
لوني أزرقْ
ماذا أعكِسُ؟
إذْ أتأَّلقْ
.. صاح الطاووسُ الفتَّانْ :
في ريشي معرِضُ ألوانْ
.... قال الماء شديدَ الحزنِ :
إني الماءُ
عديمُ اللونِ !
غامقْ ... فاتحْ
اصفرُ فاقعْ
لونٌّ كالحْ
أبيضُ ناصعْ
أحمرُ قانِ
أو رمَّاني
.... ليلى .... سلمى ... خالدُ ... مجدُ
سَمُّوا لي ألواناً ...بعدُ
.... انظرْ حولكْ
كُنْ فنَّانْ
كي تغدوَ حقاً
إنسانْ
| |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:03 pm | |
| الاســـــــتـفـهـام ماذا تحمل هذي الغيمهْ؟ كيف سأقطفُ تلك النجمهْ؟ مَنْ يعرفني ؟ أيُّ بلاد العالم أحلى ؟ أيّْ بيوت الدنيا أغلى ؟ - وطني ....وطني ! .... ولماذا يخضرُّ الشجرُ ؟ ومتى ينضجُ فيه الثمرُ ؟ هل تعرف ما سرُّ الحركهْ ؟ أتعيش على البَرّ السمكهْ ؟ كم حرفاً يوجد في لغتي ؟ ما بيتي الثاني - مدرستي ! | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:03 pm | |
|
الفأرة المغنّية خرجت الفأرةُ الرماديّةُ من حُجْرِها، ثمّ ركضَتْ نحوَ بَيْتِ المؤونة، ولكنّها لمْ تكدْ تقترب من الباب حتى وجدت الهرَّ " فلفل" نائماً هناك، فتراجعت مذعورةً، ولم تدرِ إلى أين تذهب، فقد شعرت بالجوع.. كانت غرفة المكتبةِ مفتوحةً على مصراعيها فقفزت الفأرة الرماديّة سريعاً، وجدت نفسها بين رفوف الكتبِ والمؤلّفات والمعاجم والقصصِ والمجلاّت.. بدتِ الصفحاتُ لذيذةً هشّةً، والفأرةُ تقرضُ أطرافها.. ضحكتْ وقالتْ لنفسها: - كم يتعبُ الإنسانُ في تأليفِ الكُتُبِ، وكم يُجهدُ نفسه في سبيل إخراجها ونشرها ! وها أنذا هُنا أَقْرضُها بهدوءٍ.. بدأت الفأرة الرماديّةُ بكتابِ الجغرافية، قَرَضَتْ بعضَ صفحاته، حدّثتْ نفسها: - الجغرافيةُ ضروريةٌ، علمُ البلدان ومعرفةُ الأوطان، الخرائطُ والمصوّرات، البحارُ والمحيطات.. كلُّها مفيدةٌ.. ها.. ها.. ها.. انتقلتْ إلى ديوان شعر.. - وهذه الأشعارُ، والكلماتُ المختارةُ، والأفكارُ المحلقةُ محطّةٌ للاسْتراحَةِ.. وقَرَضَتْ صفحتين مِنْهُ.. ثمَّ تحوّلتْ إلى قصّةٍ مُلوّنةٍ.. - هي ذي حكايةٌ مُمتعةٌ، ما ألذّها ! لشَّد ما أهوى هذه الرسومَ الجميلةَ.. انظروا إلى هذا الولَدِ الذي يركض وراءَ الأرنبِ، قميصُه الأحمرُ غير ملوّثٍ، وكفّاهُ غيرُ ملطّخَتْين بالحبْر، يبدو أنّه مجتهدٌ في دروسِه، لأنّه لم يتركِ الكتابَ منْ يدهِ، يحبُّ النظافةَ والترتيبَ.. ها .. ها .. ها.. وكركرتْ ضحكتُها.. كانت الفأرة تقومُ بمهمَّتها بنشاطٍ وحيويّةٍ، تقرضُ وتقرضُ وهي تغنّي بين الصّفحات المرتجفةِ الخائفة: ما أسعدَني، ما أسعدَني ! دِفءُ الأوراقِ يُصاحبني والّليلّ الهادئُ يعرفُني هذي الصفحات تُكركرني ما أسعدني، ما أسعدني!.. وحينَ تركتِ الرفَّ الأخيرَ، قفزتْ إلى المنضدةِ المستديرة في وسطِ غرفةِ المكتبة. وكان هناك بعضُ مجلاّت الأطفالِ، وبعضُ الكتب، فتوقّفتْ تقلّبُ صفحاتها وهي ما زالتْ تغنّي وتضحكُ، ولم تُسمعْ في البيت الهادئِ إلاّ دقّاتُ الساعةِ في الصّالةِ.. فتحَ الهرُّ" فلفل" عينيه، وأرهفَ سمعهُ وأذنيه، كانتْ هناك خشخشةُ أوراقٍ وصوتُ غناءٍ، وضحِكٌ، وكركرةٌ؛ تلفّتْ يمنةً ويسرةً، فلم يجدْ شيئاً، غير أنَّهُ شمَّ رائحةَ الفأرة الرمادية، فسار على رؤوس أرجلهِ بخفّة ورشاقةٍ حتى أصبح أمام غرفةِ المكتبة... كانت الفأرة قد بدأت تحكَّ أنفها بصور مجلّة الأطفال، وقد أثارتها الصفحاتُ الزاهيةُ والصّورُ الملوّنة.. صارت تُدغدغُ رأسَها وأذنَيها، وتُمرّغُ فمها وهي تغنّي.. ما أسعدني ما أسعدني! عالمةً صرتُ مدى الزمنِ دِفءُ الأوراقِ يُدغدغُني والليلُ الهادئ يغمرُني ومجّلةُ طفلٍ تعرفني والصورُ الحلوة تسحرُني ما أسعدني، ما أسعدني! ........ رفعت الفأرة رأسها عالياً، وفتحت ذراعيها ثم قالت: - أنا، الآن، فعلاً، عالمةٌ بكلّ شيء، لقد اكتسبتُ كثيراً من المعارف والعلوم، صرتُ أفهمُ في الجغرافية، صرت أعرفُ الأشعارَ والقصائدَ، وها أنذا ألتهمُ القصصَ والحكايات.. سمع القطُّ" فلفل" ذلك.. وبقفزة واحدة صار أمامها. تماماً فوق المنضدة، نظرت الفأرة الرمادية إليه برعبٍ، وقد اهتزّ ذيلها كأنّما مسّهُ تيارٌ كهربائيّ.. كشف" فلفل" عن أسنانه البيضاء النّاصعة، وبدا شارباه جميلين وهو يقول: - سأكونُ أكثرَ علماً منك، وأكثر معرفةً لو التهمتك على الفور يامغنّيتي الظريفة، ذاتَ الصوتِ السّاحر.. لكنّ الفأرة الرمادية، التي أحبّت مجلاّت الأطفال كثيراً، قفزت بعيداً عن القطّ " فلفل" واختبأت بين صفحاتها، ثم.. اختفتْ!! قلّب" فلفل" كلَّ مجلّةٍ صفحةً صفحةً، بحثاً عنِ الفأرة المغنّية، فلم يعثر لها على أثرٍ.. قرأ الصفحاتِ ودقّقَ في زواياها وصُوَرِها، ولكنّه لم يجدْ شيئاً.. ولايزال" فلفل" ينتظرُ، صدورَ كلّ مجلّةٍ للأطفالِ. في كلِّ أسبوعٍ أو في كلِّ شهرٍ،لعلّهُ يعثرُ على الفأرةِ الرماديةِ المغنّية، ولايزالُ البحثُ جارياً.. | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:04 pm | |
|
أصدقاء الغابة كانَ الصّباحُ رائعاً.. والحياةُ بدأت في الغابةِ، الأشجارُ تتمايلُ بهدوء- وأغصانُها تتمطّى باسترخاء.. والعصافيرُ الملوّنة تنتفضُ في أعشاشِها فيلتمعُ ريشُها.. ثم لا تلبثُ أن تقفزَ إلى السّماءِ الزرقاء.. أمّا الأرانبُ البيضاءُ الصّغيرةُ؛ فقد انطلقتْ تنسلُّ هُنا وهناك بخفّةٍ ورَشاقةٍ تقضمُ الأعشابَ الطريّة، وتطاردُ الفراشاتِ. وتداعبُ الأزهار.. .. منْ بعيدٍ.. ظهرتْ عربةٌ عتيقةٌ، فوق الطريق المتعرّجة، يجرّها حمار هزيل، كانت تتأرجح بركّابها ذات اليمين وذات الشمال تثير وراءها سحابة من الغبار، وهي تقرقع بعجلاتها الخشبية، تنشر الضوضاء فيما حولها، وتعكّر صفو الصّباح الجميل.. توقّفت الأرانب، نشرت آذانها الطويلة تستطلع القادمين ، لكنّها ما لبثت أن هربت مذعورة تنادي الأمان، وطارت العصافير بعيدة في الفضاء، ثم اختفت عن الأنظار.. أيّ صباح هذا؟! ...... ......... بدت العربة تسير بتثاقل وضجيج، تئن وتصرصركأنما تشكو لسكّان الغابة حظها التعيس بل إنّها تتوقف بين الفينة والفينة، حسب مزاج الحمار الهزيل.. كان الحمار ينصب أذنيه إلى الأمام، ويسرح مستغرقاً في التفكير، وحين يفرقع السوط فوق رأسه يعضّ طرف الحبل، ويضرب الأرض برجليه ويحرن.. أيّة معاملة هذه التي يلقاها!! عندئذ يبرز رأس أمّ سرحان العجوز الشمطاء، يرتفع نقيقها حادّاً غاضباً، كان ذلك هو صوتها الذي يشبه قوقأة الدجاج، إنّها تأمر الحمار أن يتابع المسير.. - هيّا.. هيّا، إلى الأمام، ياغندور.. لكنّ الحمار لم يكن يسمع ، لأنه لايبالي بهذا النقيق المزعج!.. هدوء الغابة يغريه بالتوقّف.. والتأمّل. ما أطيب العيش هنا! ما أجمل الانطلاق في قلب هذه الغابة الساحرة! لا عربة يجرّها، ولا سوط يفرقع وراءه، ولا صراخ هذه العجوز المجنون.. لاتنقّل بين القرى، ولا تعب.. ولا جوع، ولا تشرّد.. ما أحلى أن ينعم بالحرية دون حدود، ينام كيفما يشاء، ويستيقظ حين يحبّ أن يستيقظ، يأكل ما يشتهي، ويتمرّغ فوق هذا العشب الغضّ، يستلقي حين يريد.. لقد سئم هذه الحياة، وملّ صحبة أم سرحان ونقيقها المتواصل، ملّ زوجها أيضاً، وحيواناتها، ملّ الألعاب التي يعرضونها على النّاس لقاء لقيماتٍ معدودة.. كره حياة التمثيل، والتصنّع، والتزييف، وطلاء الوجوه، وتبديل الأقنعة، كره أصدقاءه كلّهم الكلب نمرود، الذي ينبح دون توقّف. والقرد شدهان الذي يعاكسه دائماً، والقطّة عبلة، والديك يقظان، ألايحقّ لغندور أن يستريح بعد الخدمة الطويلة، والتعب، والركض بين القرى والبلدان؟! وشعر غندور بالحزن، ولم يكن بمقدوره إلاّ أن يقف معانداً أمّ سرحان، والاحتجاج على سوء حظّه، فحرن وبدأ ينهق بصوت عالٍ: - هيء.. هيء.. هيء.. هاء.. زعقت أمّ سرحان: - أيها التّعس، ما بك اليوم، يبدو أنّك مشتاق للسعات السّوط. ها.. جلدُك بحاجة إلى حكّ.. هيّا.. هيّا قبل أنْ أسلخه.. نبح نمرود من ورائها بصوت مبحوح، إنّه يشارك في الفوضى التي بدأت تسود ركاّب العربة، قفز شدهان في الهواء، قلّب شفتيه وضحك ساخراً وهو يقول: - الحمار أغبى الحيوانات، انظروا .! غندور يرفض المسير.. ارتفع صياح الديك المعهود: - كوكو.. كو كو.. أنا أوافق على رأي القرد! ولم يجد أبو سرحان بدّاً من التدخّل ليحسم الأمر، فاندفع يهدّد الحمار؛ وهو يليّح بالسّوط في الهواء. إنّه يريد أن يعيد الهدوء إلى العربة، لينطلق إلى المدينة، يعرض ألعابه البهلوانية ويكسب المال... تزحزح غندور قليلاً. صرّت عجلات العربة وهي تدرج ببطء على الطريق، لكنّه فطن إلى شيء.. إنّه جائع، والحيوانات كلّها جائعة مثله، وستشاركه في الاحتجاج هذه المرّة، نهق غندور ثانية: - هيء هيء.. لن أمشي قبل أن آكل!! وانتبهت الحيوانات إلى احتجاجه، نطّ القرد حتى صار فوق عمود العربة المنتصب، كان يصيح محتجاً: أنا جائع.. جـ.. ائع.. وبدون انتظار لسعه سوط أبي سرحان بخفّة وسرعة، فاستشاط غضباً وزاد صياحه وزعيقه.. صرخت أمّ سرحان: - أخطأت يازوجي، ما كان عليك أن تضربه، ألم أقل لك منذ قليل، إنّ الجميع جائعون، لن يصبروا مثلنا!! صار شدهان إلى شجرة قريبة، تعلّق بها وهو يعول حزيناً، أهذا جزاء مهارته في عرض الألعاب على الناس كلّ يوم؟! هل هذه مكافأته على تعبه لتكون الألعاب مسلّية مثيرة؟! يرضى عنها الناس في كلّ مكان.. لولاه لفشل أبو سرحان في حياته، وما نفع الكلب نمرود؟! والقطة عبلة، والديك يقظان، إن لم يكن معهم!! أسرع القرد يبتعد غاضباً حانقاً.. صاحت العجوز: - شدهان . ياعزيزي، عُدْ إليّ، لاتغضبْ. أما اشتقت إلى حضني، لاتجعل الغضب يستولي عليك بسرعة.. لكنّ شدهان رفض أن يسمع كلمة واحدة، انطلق يقفز من شجرة إلى شجرة كأنّما أصابه الجنون.!. قال أبو سرحان: - فعلتها، أيها الحمار الغبيّ، أنت دائماً تثير الشّغب بين أفراد الأسرة ، تحرن على الطرقات، وتفسد بقية الحيوانات!! ........ العربة ما زالت واقفة.. ركّابها تفرّقوا.. عمّت الفوضى وسادت البلبلة.. الديك يتوسّل إلى صديقه شدهان، راجياً أن يعود، القطة تموء طالبة الهدوء، والكلب ينبح وأم سرحان تنقّ وتطمئنهم أنّ رغباتهم ستتحقّق!. ركض أبو سرحان في أثر القرد. كان يناديه ويعتذر عن تصرّفه السّابق.. - شدهان، شدهان، أنت تعرف مقدار حبيّ لك ستأكل قبل الجميع، تمنّ ورغبتك مستجابة!.. كان القرد قد صار علىرأس شجرة عالية، أدار ظهره، وتظاهر بالحزن، بدأ يضحك بينه وبين نفسه، إنّ أبا سرحان يرجوني؛ إنّ أمّ سرحان تناديني بـ ياعزيزي ؛ إنّهم يشعرون بأهميتي، حقاً، أنا ذو مكانة رفيعة بينهم، لن أقبل بالذلّ بعد اليوم، لن أسمح للسوط أن يلسعني، سأقاوم الظلم، سأحتجّ وأثور، هذا حقّي، وحقّ رفاقي أيضاً، لقد غلطت مع الحمار غندور، إنه ليس أغبى الحيوانات على الإطلاق.. إنّه- هذا النهار- أذكاها وأروعها- هذا رأيي، سأجهر به دائماً!.. .......... .............. انقطع صوت أبي سرحان، ما باله لم يعد ينادي.... ساد صمت ثقيل، ومرّت لحظات بطيئة، صاحت أم سرحان: - أين أنت يازوجي!.. لم يبد أيّ أثر للرجل!.. ياللغرابة!.. منذ قليل كان في هذا المكان، تحت هذه الشجرة، غير معقول.. لقد اختفى أبو سرحان ! كيف حصل ذلك؟! صفّق القرد شدهان معلناً وجوده فوق الشجرة العالية، لم يكن هذا له أهمية، فأبو سرحان وحده الذي يشغل بال الجميع.. ارتفع صياح أم سرحان: - أين أنت يازوجي العزيز؟ ليس هذا وقت المزاح!.. بدا السكون يسود كلّ شيء... تلفّتت العجوز حولها، الأشجار هادئة غير مبالية. الغابة صامتة صمتاً عجيباً، الكلب نمرود يبصبص بعينيه ويهزّ ذيله.. الديك يمطّ عنقه ولا يعرف ماذا يقول.. القطة تلوذ يجذع شجرة وتحدّق ببلاهة، الحمار في مكانه أخذته الدهشة.. أين أبو سرحان؟ كأنّما ابتلعته الأرض، أيّة غابة مسحورة هذه ، الغموض يلفّ الأشياء، ولولت أم سرحان: - آه.. إييه.. يازوجي العزيز، ما نفع الحياة بعدك! تجمّعت الحيوانات حولها، حتى القرد تسلّل بخفّة وهبط واقفاً إلى جانبها، ماءت القطة: - كلّ هذا بسببك ياشدهان ! - بل بسبب الحمار! ردّ شدهان حزيناً،... قال الديك: - ليس هذا وقت توجيه الاتّهامات، فكّروا ماذا نعمل، نحن في مأزق!! نصب نمرود أذنيه : وهمس: - سكوت.. أرجوكم.. الهدوء.. لاترفعوا أصواتكم بدا كرجل المباحث، أخذ يشمّ الأرض، ويدرس انحناءة الأعشاب، إنه يعرف كيف يقتفي الآثار، إنه وحده سيكشف الأسرار.. نظر الجميع إليه بتقدير واحترام، حتى القطة عبلة تمسّحت به، وربّتت بيدها تلاطفه، فنهرها وهو يرميها بعينيين ناريتين.. - ابتعدي، ليس هذا من شغلك. ابتعدي عن طريقي!. هتفت أم سرحان بهدوء: - هيّا يانمرود.. ابحث بدقّة عن معلّمك.. أيّة غابة ملعونة هذه؟! *** وحده انطلق نمرود في مهمّته، لم يكن هناك صوت يُسمع؛ حتى الحمار بدأ يهرش رأسه بطرف العربة من دون صوت، وأمّ سرحان استندت إلى جذع شجرة، واضعة رأسها بين كفّيها، أهكذا ينتهي صخبهم!! إنّهم يشعرون بالأسف والحزن، ما أصعب أن يحلّ الشّجار والنّقار بين أفراد الأسرة الواحدة!... ........ ........... ونبح نمرود.. -هّوْ هَوْ.. هو هو.. هَوْ هَوْ.. كان نباحاً ظافراً. مستبشراً، ركضت أمّ سرحان ركضت الحيوانات وراءها، تحلّق الجميع حول حفرة عميقة مغطاة بالحشائش والأغصان، نظروا بدهشة، فغروا أفواههم، هذا هو أبو سرحان وسط الحفرة وقد أغمي عليه، صاحت أم سرحان: - أبا سرحان.. يازوجي العزيز، هل أنت بخير.. لم يكن هناك من يجيب.!. صاح الديك: - كو كو كو.. ما العمل- أيّها الأصدقاء- لن نقف مكتوفي الأيدي! ماءت القطة: - نياو.. نياو..تحركوا..اعملوا شيئاً.! قالت أم سرحان: - إليّ بالحبل، من العربة، ياشدهان.. تحرّك، لاتقف مفتوح الفم هكذا.. واستعدّ الجميع.. وقفوا متكاتفين لإنقاذ معلّمهم، لقد تعلّموا أن يتعاونوا في الشدائد، فالاتحاد قوّة، ويد الله مع الجماعة.. .......... ................. مرّت لحظات بطيئة،... استفاق أبو سرحان، فوجد نفسه بين أصدقائه. كانت أم سرحان تبتسم، والحمار غندور أيضاً، والقرد شدهان، والقطة عبلة، والكلب نمرود، والديك يقظان.. هتف غندور: - عاد معلّمنا .. عاد معلّمنا!.. هتفت أم سرحان: - بل عاد الحبّ .. والوئام إلى أسرتنا.. معذرة يا أصدقاء.. سنصيب طعامنا وننطلق من جديد، ونحن أكثر تماسكاً ومحبّة.. صفّق الأصدقاء.. واقتربت القطة عبلة من الكلب نمرود، هرّت بين يديه، ثم تمسّحت به، لم ينهرها هذه المرّة، لأنه كان يكشّر عن أسنانه و.. يبتسم.. | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:04 pm | |
| في دارنا ثعلب تحت عريشة العنب .. فوق المصطبة الحجرية المشرفة على باحة الدار الكبيرة، كان جدّي يجلس كل مساء.. تعدّ جدّتي القهوة، وتهيئ المساند والوسائد، ثم تأمرنا بحزم قائلةً: - العبوا هناك، قرب السّور. العبوا بهدوء! كنّا نقفز كالعفاريت، نعرض مهاراتنا في الجريِ والوثبِ والتسلّق من شجرة التوّت إلى بوابة الدار العريضة. إلى خمّ الدّجاج.. بعضنا يحمل على كتفه خشبة أو يمتطي قصبة طويلة كالحصان ، يمشي بخطوات العساكر: - واحد.. اثنان، واحد.. اثنان.. أو يرتفع صهيل متقطّع: - هي هي.. هي هي.. هي هي.. أمّي تبتسم، وجدّتي تبتسم، وربّما جدّي أيضاً يبتسم. كان يُسْعِدُه أن يرانا حوله، يحتضن أحفاده الصّغار، يزحف إليه محسن، وتركض نحوه فاطمة، ويتمسّح به هاني، وهو بهيبته ووقاره يربّت على أيديهم أو يداعب رؤوسهم.. عناقيد العريشة تتدلّى فوقنا كالمصابيح، حبّات العنب كبيرة لامعة، تشفّ عمّا فيها من عصير سائغ رقراق، تقول لنا أمّي: - تعالوا، ذوقوا، ياأولاد، إنّه من فاكهة الجنّة!- نلتقط الحبّات النّاضجة. نتلذّذ بالعنب الشهيّ، نرى في لونه الأحمر ما يثر النفس، ويحرّك الّلعاب، لقد أَحْبَبْنا هذه العريشة، أحبننا ظلالها الوارفة، وثمارها الّلذيذة. أحببنا أماسي الصيف في الدار الكبيرة.. جدّتي بثوبها الأزرق المنقّط بزهور بيض صغيرة، تروح وتجيء، تسقي شجيرات الورد، وشتلات الزنبق،...يتضوّع الياسمين، يعبق أَريجُه المُسْكِرُ، تعبق رائحة الفلّ والسوسن، والأقحوان، أسطح البيت تتألق بالضياء، حُمْرةُ الغروب في الأعالي، والحمام السابح في الفضاء يمدّ أجنحته البيضاء. يطير في دورانه المَرِح سعيداً، قبل أن يعود إلى أبراجه فوق السّطوح يهدل أمامنا، يقدّم تحية المساء ثم يغفو آمناً.. .......... .................... وجاء مساء، لم يكن كما ألفناه.. ارتفع صياح مزعج في باحة الدار، وعلا ضجيج وصخب.. أعلنت جدّتي وهي تضع كفّها على خدّها: - يه.. يه.. يه.. الدّجاجة القرمزية اختفت! ركضت أمي وهي تصيح: - والأرنب.. الأرنب الصغير الأبيض لا أثر له! قال أبي بهدوء: - اسألوا جارتنا أم محمود!.. ومن وراء السّور، ظهر رأس أم محمود، بدت على وجهها آثار التّعب ، كانت دامعة العينين، وفي صوتها رَجْفة.. قالت: - الدجاجة القرمزية، و.. الأرنب أيضاً.. لقد فقدت منذ يومين البطة الرمادية السمينة!! قال أبي: - معقول.. ماذا أسمع؟ صاح أبو حمدان، وهو يطلّ من البوّابة: - أنت آخرُ مَنْ يعلمُ!.. ردّ عليه أبي: - ما هذا الكلام، ياجارنا..؟! أكمل أبو حمدان ساخراً: - الثعلب يشنّ غاراته، وأنت لاتدري!.. نظر أبي إليه بقلق، وأبو حمدان يتابع حديثه: - الحِمْلان عندي.تنقص اثنان رضيعان سُحبا..وها قد جاء دورك.. دجاجة ، ثمّ .. أرنب.. انتظر. هاه.. هاه.. وغداً منْ يدري، ربّما يصل إلى الصّغار! أسرع أبي والغضب سيطر عليه.. حمل فاسه، ثم ركض باتجاه الدّغل القريب، ركضت وراءه أمّي وهي تحمل فأساً صغيرة أيضاً، ركض أخوتي.. لحق بهم أبو حمدان، ثمّ زوجته ، ثمّ أمّ محمود وزوجها.. وأبو خالد.. حتى جدّتي وصلت إلى أوّل الدّغل وهي تلهث.. وقفوا هناك، تشاوروا.. ارتفعت اصواتهم، مِنْ هُنا.. بل منْ هُنا.. كَثرُ صياحُهم، وقفت النساء إلى جانب أزواجهنّ، كلّ امرأة بجانب زوجها، تؤيدّه، ملأ الفضاء ضجيج وكلام كثير غير مفهوم.. تطاير السّبابُ.. تطايرت الشتائم.. من هنا.. ومن هناك.. اشتعل نقاش بين أبي وجارنا.. أبو حمدان يقول: - قلت لك: الثلعب يمرّ من هذا المكان! ردّ أبي: - أنت مخطئ، منْ هنا يمرّ.. يجيب أبو حمدان: - انظر.. هذه آثار أقدامه.. يسخر أبي: - غلطان، هذه ليست آثار اقدام ثعلب! - أنت أصغر منّي ولا تعرف شيئاً! - بل أنت لا تعرف، وتريد أن..!! وجذب أبي ثوب جارنا، وجذب أبو حمدان ثوب أبي، تشابكت الأيدي، وارتفع صياح النساء. وامتدت الفؤوس، لكنّ جدّتي صاحت بحزم: - عيب.. ما هذا؟! نظرت إلى أبي ، ثمّ إلى جارنا أبي حمدان، وقفتْ بينهما: - تتعاركان بدون سبب!.. هل هذه طريقة تقضون فيها على الثعلب!.. واخجلتاه!! انسحب أبي من المعركة، انسحب حمدان أيضاً، ساد الهدوء، وقد وقفا بعيدين، كديكين لم يكملا القتال.. كانا خَجِلَيْن.. وجدّتي بينهما حزينة.. ..... وعند المصطبة. أمام جدّي الذي لم يغادر مجلسه، تعانقا، كان ابو حمدان هو الذي أسرع إلى أبي يضمّه إلى صدره.. قال جدّي بهدوء: - يؤسفني ما حصل، كَثْرةُ الأقوال تبطل الأفعال، الثعلب ماكر، وأنتم تتشاجرون، ولم تفعلوا شيئاً حاسماً!.. وأمام الجميع. وضع جدّي بين يديّ أبي فخّاً.. نظر إلى عينيه مباشرة، وتمتم بِحَزْم: - انصبه جانب السّور، قريباً من خمّ الدّجاج، ولا تنسَ السلسلة، فالثعلب ذكيّ، يعرف الطريق إلينا جيّداً!.. ....... .............. مرّت تلك الليلةُ، ولا حديثَ لنا إلاّ غارات الثّعلب النّاجحة، تذكّرنا بطّةَ أمّ محمود السمينة؛.. كيف سحبها الثلعب؟.. كم كانت وديعة طيّبة، تسوق صغارها. ثم تتهاوى فوق مياه البركة كالسّفينة!.. تذكّرنا الأرنب، أوكرة القطن المنفوشة، وهو يتدحرج في الباحة هنا وهناك ودجاجتنا القرمزية التي تطير فوق السّور.. أما كان بإمكان الديك المتعجرف أن ينقذها من مخالب الثعلب المهاجم؟! تذكّرنا الحِمْلان الصّغيرة التي ظَفر بها.. هل كانت تثغو وهي بين يديه، أم أنّ منظر الثعلب أخرسها؟ ليس هناك أمانٌ.. دجاجاتنا السّارحة تلتقط الحبَّ وهي خائفة، صارت كثيرة التلفّت والمراقبة.. الطيور والعصافير لاتبتعد عن أعشاشها، حتى الحَمامُ أوى إلى ابراجه دون أن يرفعَ هديلَه إلينا، أو يرقص في دورة المساء، حتى الأرانب اختفت وهي ترتجف.. فالثعلب يشنّ غاراته الليلية، ولا يترك خلفه إلاّ الريش.. حتى ألعابُنا توقّفتْ، وجدّتي نبّهتْ: - ابتعدوا عن السّور. تلك أوامرُ الجدّ!!.. كنّا نلمحُ سلسلةً طويلة تمتدّ من شجرة التّوت، ثم تغوصُ قريباً من السّور.. لكن أحداً لم يقتربْ منها،. صار مجلسُنا، جميعاً، فوق المصطبة، في حَضْرة الجدّ، الذي يسعده وأن يرانا حوله.. أنا.. ومحسن، وهاني، وفاطمة.. وإخوتي بينَ يدَيْه.. وقد اتّكأ على وسادة فوقها صور فراشات وأزهار، والقمر لم يصعد، بعد، إلى قبّة السماء، والهدوء الشّامل يلفّ الدّار.. وعلى غير انتظار ، مزّقَ الصّمتَ صَرْخَةُ حيوانٍ حادّةٌ، تشبه نباح كلب ، كانت صرخة واحدة ، انطلقت منْ جانب السّور الحجريّ، أو تحت شجرة التّوت، رأينا جدّي ينهض بهمّة الشباب، وفي عينيه بريقُ النّصر، على الرغم من أنّ الصّرخة، هذه المرّة، امتدّت طويلة، لكنّها لم تكن نباحاً، بل عواءً متميّزاً بعث فينا القلق والخوفَ.. -عوو.. وو.. و.. عوو.. و.. و.. أعقبتها مباشرة قوقأة الدّجاجات، خائفة مرتعدة وركضنا وراء جدّي، الذي اندفع إلى مصدر العواء، وعصاه الغليظة في يده.. ....... كان هناك ثعلب .. كبير.. لم أرَ مثلَه في حياتي.. وقد أمسك الفخّ بأحد مخالبه.. بدا مقوّس الظّهر يحاول استخدامَ أرجله الثلاث الطليقةِ في تحرير الرّجل المقيّدة... وأمام جدّي راح يقفز بجنون من جانب إلى آخر.. والفخّ مربوط بسلسلة طويلة، أحاطت بجذع شجرة التّوت.. ارتجفت الأوراق والأغصان.. ارتجفت الدجاجات في الخمّ.. ارتجفنا- نحن الأولاد- أمام قفزات الثعلب المجنونة.. كان يعضُّ الفخَّ بقسوة، وعيناه تلمعان بالغضب.. لكنّ جدّي وحده الذي لم يكن خائفاً..دفعَ عصاه الغليظة نحو رأس الثعلبِ مباشرةً، فتوقّفَ عن قفزه.. كان مستسلماً مخذولاً.. ولولا تلك السلسلة لكان قد فرَّ بالفخّ بعيداً.. جاء أبو حمدان.. جاء أبو خالد.. وجاءت أم محمود، والجيران جميعاً.. كانوا سعداء وهم يرون الثعلب الأسير الذي وقع في فخّ جدّي .. هادئاً مهزوماً.. في عيونهم التمعتْ نظراتُ المودّةِ والحبِّ والعرفان، أحاطوا بجدّي، غمروه بمحبّتهم.. وجّهزّتْ أمي الشاي المعطّر بالنعناع، دارتِ الأكوابُ، وارتفع هديل الحمام ناعماً شجيّاً.. .......... قالتْ جدّتي: - أرأيتم، يأولادي، الذي يعمل لايتكلّم.. نحن نكسّبُ ما نريدُ بهدوئنا وعزيمتنا.. لابالكلامِ والشّجار والثرثرة.. وكان جدّي ينقّل أنظاره بيننا، واحداً واحداً، ويبتسم.. .............. واليوم، إذا زرتم دارنا الكبيرة، ودخلتم مضافة جدّي الفسيحة.. الرحبة.. رائحة القهوة تستقبلكم. سوف تتعلّق أعينكم بالجدار الكلسيّ هناك، ستلمحون فوق الجدار سيفاً بغمده- هو سيف جدّي- وإلى جانبه فراء ثعلب كبير، تلك علامة فارقة تشتهر بها مضافة جدّي!... | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:05 pm | |
| الطبل يقرع ثلاثين مرّة! حكاية لجدّي لست أنساها: كنّا حوله ذلك المساء من أيام الصيف، فوق المصطبة الحجرية، نحيط به، وهو في صدر المكان، والهدوء يشمل الدار، كنّا نصغي إليه، نحلّق بعيداً مع حكايته التي لاتُنسى.. ذلك التاجر الشاب منصور في دكاّنه، يطالعك في أول السوق ، بوجهه الوسيم، وابتسامته الهادئة، وعينيه الصافيتين، يعرض بضاعته أمامك.. - هذا قماش من الهند، وذاك من الشام، وهذا حرير طبيعي من الصّين.. التاجر الذكيّ رأسماله الصّدق والأمانة، والبضاعة الجيّدة، واسم" منصور" في السوق على كلّ لسان، حتى صار التّجار الكبار يحسدونه، فتجارته رائجة، وبضاعته من الأقمشة والحرير مشهورة والناس يتزاحمون على دكاّنه ، لأنه يرضى بالقليل من الربح.. كان منصور يردّد دائماً: - كن متسامحاً في بيعك تكسب كثيراً من الأصحاب والزّبن.. وذات يوم، جاءه رجل غريب، وقف يقلّب نظره في الأقمشة، ويتلمّس الحرير، ثم بدأ ينتقي أجودها، قال الرجل الغريب: - أنا تاجر مثلك، وقد أعجبتني بضاعتك، أريد شراء هذه الرّزم، ولكنْ، ليس معي ما يكفي ثمناً لها، إذا أتيتني إلى مدينتي أكرمك، وأدفع لك الثمن.. أجاب منصور باسماً: - لابأس عليك، خذ ما تشاء، ليس من عادتي أن أرفض طلباً.. أخذ الغريب ما أراد، تخيّر أحسن الأقمشة، وانتقى أفضل الأثواب، وجمع منصور ذلك كلّه في رزم كبيرة، حملها معه حتى آخر السوق، ثم ودّعه قائلاً: - رافقتك السلامة. .................. مرّت أيام وشهور طويلة، أحبّ منصور أن يروّح نفسه من عناء العمل، فجهّز حاله للسفر وزيارة ذلك التاجر الغريب في مدينته البعيدة.. كان الطريق شاقاً، والسفر صعباً.. وقد وصل منصور المدينة قُبيل مغيب الشمس، فأسرع إلى السوق يسأل عن الرجل.. توقّف أمام متجر كبير، كان هناك عمال كثيرون وزُبن ومشترون، وفي صدر المتجر رأى الرجل الغريب نفسه، دخل منصور عليه، فأنكره الرجل، وحلف أنّه لم يره من قبل، ولم يشتر منه شيئاً، ولم يسافر إلى مكان طوال حياته. وحين أشار إلى عمّاله، أحاطوا بمنصور ثم طردوه خارج المتجر!. حزن منصور كثيراً، وشعر بأنه كان مغفّلاً حين صدّق رجلاً غريباً، وأعطاه بضاعة كثيرة دون أن يقبض قرشاً واحداً، ولكنْ.. ماذا يفعل؟؟.. لجأ إلى نُزلٍ يقضي فيه ليلته، ولم يكد يستسلم إلى النوم ، حتى هبّ على دقّات طبل يدوّي في أرجاء المدينة: -" بم.. بم.. بم.. بم..".."بوم". استغرب منصور وسأل صاحب النُّزل عند ذلك، فقال له: - تلك عادتنا، في هذه المدينة، عندما يموت شخص يدقّ الطبل أربع دقّات، وإذا مات رجل أرفع مكانة دقّ عشر دقّات، ولكن عندما يموت الأمير فإنّهم يقرعونه عشرين مرة!.. التمعت فكرة في رأس منصور ، فترك منذ الصّباح الباكر غرفته، وقصد قارع الطبل، كان لايزال نائماً، أيقظه وأعطاه ليرة ذهبية طالباً إليه أن يقرع الطبل ثلاثين مرة! ودوّى الصوت قوياً.." بم.. بم.. بم.. بم.. بوم بم.. بم.." ثلاثين مرّة، هزّت المدينة النائمة، وأيقظت الراقدين، سادت البلبلة، وعمّت الفوضى، وتراكض الناس في الطرقات صائحين: - يالطيف ! ما الذي جرى؟ أية مصيبة وقعت!.. ............... وفي قصر الأمير، استدعي قارع الطبل، وسأله الأمير بنفسه: - لماذا فعلت ذلك؟ فقال: - هناك تاجر اسمه منصور طلب منّي هذا بعد أن أعطاني ليرة ذهبية! غضب الأمير واستفسر: - من يكون هذا التاجر؟ أحضروه في الحال!.. ........... ومثل منصور أمام أمير المدينة.. كان هادئاً ، ووجهه يفيض بالصّدق، قصّ عليه ما كان من غدر الرجل واحتياله، وقال: - إذا كانت وفاة الأمير- لاسمح اللّهُ- تعلّن في عشرين قرعة، فلماذا لايعلن موت الأمانة والصّدق بثلاثين!؟.. أعجب الأمير بذكاء التاجر منصور ، فقرّبه منه، وأكرمه غاية الإكرام، وطيّب خاطره، بعد أن قال له: - لن يموت الصّدق.. ولن تموت الأمانة بين الناس!.. ثم عوقب الرجل المحتال عقاباً أليماً، بعد ما دفع أثمان البضاعة.. أمّا منصور فقد رجع- بعد أيام- إلى مدينته ظافراً غانماً، وهو يحمل الهدايا الثمينة، والهبات الكثيرة، وقد اكتسب صداقة ألأمير، وصار اسمه يتردّد في كلّ مكان.. .......... هل عرفتم، ياأصدقائي، لماذا كنّا نحلّق مع حكاية جدّي، بعيداً، ونحن نصغي إليه؟ حكايته جميلة ، ومن الصعب أن ننساها.......... | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:05 pm | |
| بقرة جدّي كانت" شمّوس" بقرة محبوبة، تعيش في بستاننا، تأكل العشب طوال الصّيف، وتأكل القشّ طوال الشتاء، ولاتقوم بأيّ عمل في الصّيف أو في الشتاء سوى أنّها تأكل.. و.. تأكل... وكان جدّي يحبّها، ويقول: - شمّوس بقرة ممتازة، تعطينا كثيراً من الحليب الأبيض الدّسم!! أمّا جدّتي فما أكثرما سمعتها تتباهى أمام الجيران وتقول: - منذ دخلت" شمّوس" البستان والخير جاء معها!! وكم من مرة رأيّتها تحدّثها: - كُلي.. كَلي ياشمّوس، كلّما أكلت أكثر أعطيتنا مقداراً من الحليب أكبر!.. وحين سألت جدّتي: - لماذا سمّيت بقرتنا بشمّوس!! ضحكت وقالت: - جدّك هو الذي أطلق عليها هذا الأسم.. انظر إلى طلعتها البهيّة، ألا تشبه شمساً صغيرة، تنوّر بستاننا، وتدخل الفرحة إلى قلوبنا، وهي تتهادى بين الأشجار؛ وتسرح آمنة لطيفة؟! وشمّوس أحبّت حدّي، وأحبّت أيضاً جدتي، بل أحبّتْنا جميعاً.. لذلك كانت تأكل أكثر لتبعث السرور في نفوسنا.. وأمام البستان، كان هنك طريق ترابي، يقطعه الحصان " بدران"، يأتي بالعربة، كل صباح، ليأخذ الحليب والجبن إلى البلدة القريبة.. ذات مرة، أخبر " بدران" بقرتنا" شمّوس عن البلدة القريبة، على الرغم من أنّها لم تسأله.. قال: - الشوارع مرصوفة بالحجر، والأرصفة نظيفة لامعة، وأسطح البيوت عالية، تطير فوقها العصافير واسراب السنونو.. أمّا الأطفال فهم يذهبون إلى المدارس، يحملون كتباً ودفاتر، ويركضون مسرورين صاخبين في الذهاب والإياب، والناس يركبون الدراجات، ويطلقون رنين أجراسها مبتهجين، ترن.. ترن.. ترن ..أمّا السيارات فلا أستطيع وصفها.. يكفي أنّها تنطلق مسرعة في كلّ الطرقات.. وسائقوها ماهرون!. رغبت شمّوس أن ترى الأشياء التي تكلّم عنها بدران،.. كانت ضجرة من البستان ، ومن بيت جدّي، ومن المخزن الكبير، والطاحونة التي لاتعمل.. و.. و.. خلف البستان كان هناك نهرصغير، في الصّيف، جاء رجل في قارب ليأخذ الجبنة من جدّي إلى السّوق.. نظرت شمّوس إلى القارب فأحبّته.. ظنّت أنّه سيكون حدثاً جميلاً أن تركب في قارب، وتذهب إلى السّوق.. كانت في شوق إلى أن تفعل شيئاً ما.. في شوق إلى أن تقوم بأيّ شيء حتى تتخلّص من الضّجر.. لابدّ أن تذهب لترى أيّ شيء بدلاً من أن تأكل فقط.. بدران يعرف أشياء كثيرة، لأنّه يذهب إلى البلدة هناك، يخرج من البستان، ويسير على الطريق، ويلتقي بالناس وهي هنا لاتقوم بأيّ عمل سوى أن تأكل ..وتأكل.. ولهذا فقد أصبحت شمّوس بدينة، كلّ يوم تزداد بدانة، حتى إنّها تتحرك بصعوبة.. سارت مسافة بعيدة على الطريق المحاذي للبستان.. لم تنظر إلى اليمين، ولم تنظر إلى اليسار كانت تنظر فقط إلى العشب الذي صار مذاقه حلواً ولذيذاً، والفصل ربيع، وهي تعلم أنّه توجد أزهار كثيرة تستحقّ أن تؤكل.. وفجأة.. قبل أن تدرك ما حدث، سقطت في النهر.. لم يكن عميقاً، لكنّها لم تستطع أن تخرج لأنّها بدينة جداَ،... وقفت في الماء، وشرعت تأكل العشب على الضفّة..وجدّي لم يعرف أن شمّوس في النهر.. كان مشغولاً في صنع الجبن لبيعه في السّوق.. أكلت شمّوس كثيراً من العشب، وشعرت بعدئذ بالنّعاس، لكنّها لاتستطيع أن تنام في الماء.. حدّثت نفسها: - لو أقدر على العودة إلى البستان.. أخشى أن يغضب الجدّ، أو أن تنتبه الجدّة لغيابي!.. صارت تمشي وهي تأكل العشب، صادفت في طريقها قارباً قديماً، دفعته أمامها، ثمّ تسلّقته واندفع القارب بعيداً عن الضفّة، وسارت شمّوس على طول النّهر فوق القارب الطّافي.. مرّت شمّوس بالبستان.. وبمخزن الغلال..مرّت بدار جدّي، وشجرة التّوت، والطاحونة، مرّت بأزهار البابونج، والأقحوان، والزّنبق الأصفر والأحمر الذي زرعته جدّتي.. مرّت بشقائق النّعمان التي تمايلت نحوها بدهشة، وبأزهار كثيرة ومتنوّعة لاتعرف اسمها.. استمرّت المشاهد تمرّ أمام عينيها والنّعاس فارقهاالآن.. وأصبحت منتبهة لما حولها من مناظر على طول ضفّتي النّهر.. مرّت شمّوس بصف طويل من البيوت ، ثمّ مرّت ببعض الأطفال وهم يلعبون فوق دراجاتهم.. صاح الأولاد: - انظروا .. بقرة تمرّ في النّهر!! ولم يلبثوا قليلاً، حتى ركضوا وراءها على الطريق المحاذي للنّهر.. سمعت شمّوس رنين أجراس الدراجات، أصغت إلى صفير متقطّع.. وصياح وصخب .. كانت سعيدة، فقد صارت موضع اهتمام الأطفال.. رأت الأمّهات في البيوت وهنّ ينظّفن النوافذ، ودرجات الأبواب، لوّحن بمناديلهن الملوّنة لها، وضحكت .. رأت حشداً من الناس، بعضهم يركض، وبعضهم يمشي على طول النهر، يلحق بالقارب الذي تركبه.. شعرت شمّوس بالفرح، لأنّ النّاس يهتمّون بها، أسرع واحد منهم، ورفع بين يديه علبة سوداء صغيرة، والتمع ضوء أمام عينيها. ارتفع صوت: - ستكون صورة طريفة في الجريدة المحلّية!.. أخذت شمّوس تخور بسعادة.. هم.. هـ.. هـ.. م.. ها.. ها.. آ.. آ.. وحين توقّف القارب.. تقدّم اثنان من الأولاد وسحباها إلى الضفّة بحبل .. لكنّ شمّوس خلّصت نفسها من الحبل، وركضت على طول الشارع، وجدت صعوبة في أن تركض وسط الطريق المرصوفة بالحجارة، لكنّها كانت مسرورة وهي في البلدة.. تابعت شمّوس ركضها في الشوارع، الأولاد وبعض الرجال يلحقون بها.. وهي تنظر إلى نوافذ البيوت وشرفاتها، وتقفز في الساحات.. لم تهتّم بإشارات المرور، ولا بصفارة الشرطي، ولا بأبواق السيارات الصغيرة والكبيرة، صارت تشمّ الدّراجات الملوّنة، بل تستوقف بعض السيارات وتتأمّل الركّاب والسائقين، وقبل أن تشعر بالتّعب، وصلت إلى ساحة كبيرة فيها حشود من الناس، وأكوام من الخضار والفواكه.. و الجبن والبيض!! هذا هو السوق كما أخبرها بدران، لكنّ أجمل ما وقع عليه نظرها، الفتيات الصّغيرات يركضن وراء أمهاتهنّ وقد تطاير شعرهنّ الجميل المزيّن بالشرائط الحمراء والخضراء والبيضاءوالزرقاء والصفراء.. كان جدّي آنئذ موجوداً في السوق.. وعندما شاهد بقرته صاح: - شمّوس.. ما الذي جاء بك إلى السوق؟؟.. كنت أظنّ أنّك في البستان تأكلين العشب!! أطرقت شمّوس رأسها خجلة ولم تعرف ماذا تقول.. فهي تحبّ جدّي ولا تريد أن يغضب.. يبدو أنّها ارتكبت ذنباً!. فقد أسرع جدّي إلى العربة التي يجرّها الحصان بدران، ودفع البقرة وأدخلها، ثم عاد فوراً إلى البستان- دون أن يكلّمها أو يناديها كعادته.. *** بعد ذلك، كان جدّي يلقي نظرة على البستان وهو في مخزنه- بين الحين والحين، ليتأكد أنّ شمّوس في مأمن.. وكانت جدّتي لاتغفل عنها طيلة اليوم.. لكنّ شمّوس التي صارت تحت المراقبة، لم تهتّم بذلك، كان في رأسها أشياء كثيرة تفكّر فيها؛ وهي تمضغ العشب اللذيذ.. هل هناك أجمل منها إذا ما ازدان رأسها بتلك الشرائط الملوّنة؟ وكم سيكون مصوّر الجريدة محظوظاً إذا التقط لها صورة ثانية، ربّما ينال جائزة أحسن صورة لهذا العام.. من يدري..؟!... | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:05 pm | |
| أين أُمّي؟ سألت" رزان" خروفها الأبيض: - لماذا لم ينبت قرناك، أيّها الخروف الصغير؟ صاح الخروف : - ماع.. ماع.. ولم يجب ؛ لأنه كما تعرفون لايستطيع الكلام. سألت" رزان" شجيرة الياسمين: - كيف أستطيع الوصول إلى أزهارك البيضاء؟ لكنّ شجيرة الياسمين لم تردّ أيضاً، اكتفت بنشر عطرها الناعم، ونثرت أزهارها الصغيرة كالنّجوم. سألت " رزان" دميتها الشقراء: - لماذا تأخّرت ماما؟ هزّت الدمية رأسها، واحمرّ خدّاها ولم تردّ أيضاً، لأنّ الدّمى لاتعرف الإجابة عن أسئلتنا.. بكت " رزان" هيء.. هيء.. هه.. هه.. هه لكنّ أحداً لم يسمع بكاءها، فهي وحيدة في الغرفة، على الأريكة جالسة، والنافذة العالية فوقها.. أسندت رأسها إلى طرف الأريكة..و.. سكتت.. كانت تحدّق إلى ثوبها ، على ثنيّاته أزهار صغيرة، وفراشات ملوّنة، وخطوط مرحة زرقاء وحمراء.. طال تحديقها..والفراشات تتطاير أمام عينيها صعوداً وهبوطاً بين الخطوط والأزهار.. قالت هامسة: - ليت لي جناحَيْ فراشة لأطير وأبحث عن ماما.. أين ذهبت ماما؟ طارت" رزان".. صارت فوق النافذة العالية.. طارت.. طارت.. صارت فوق شُجيرة الياسمين. طارت.. صارت فوق السطح .. حسبت أنّها ستفزع العصافير والحمائم. غير أنّ العصافير زقزقت على كتفيها قائلةً: - أهلاً بك يا" رزان" ثمّ رقصت حمامة صغيرة بين يديها وأخذت تهدل بصوت رخيم.. - كو كو.. كوكو.. كوكو.. طارت أكثر ، صارت فوق الشارع العريض، والسّاحة الفسيحة، فوق إشارات المرور، رأت الشرطي هناك بقبّعته الناصعة وكميّه الأبيضين، ينظّم عبور السيّارات والنّاس، ألاحت له بكفّيها.. طارت.. صارت فوق السوق المزدحمة والأبنية الكبيرة، رأت العمّال يدفعون العربات؛ والعرق يتصبّبُ من جباههم، رأت الموظفين في المكاتب، والموظّفات ينقرن على الآلات الكاتبة أو على أزرار الكمبيوتر.. تك.. تك تاك.. تك.. تاك.. تاك.. تك.. ابتسمت وهي تراهم يليحون لها بأيديهم وراء النوافذ اللامعة.. طارت، صارت فوق البساتين الخضراء، رأت المزارعين يعملون بهمّة ونشاط حتى أنّهم لم يرفعوا رؤوسهم أو يردّوا على تلويحة كفّيها.. طارت.. صارت فوق الحديقة القريبة من النهر، رأت طفلاً صغيراً في مثل عمرها، عرفته من خصلة شعره الأشقر على جبينه، إنه " أسعد" الولد المشاكس دائماً في روضة الأطفال، كان يمدّ لسانه الأحمر، ويشدّ أذنيه.. دَوْ.. دَدْ. دَدْ.. دَوْ.. دَدْ.. أصابعه ملوّثة بالحبر، ونصف أزرار صدريّته مقطوعة، صاح " أسعد" وهو يجري.. - انظروا.. " رزان" تطير"!" رزان" تطير!. ثوبها الملوّن بأزهاره وفراشاته وخطوطه الزرقاء والحمراء يبدو كالمنطاد، وهي ترتفع بعيداً في سماء زرقاء، ركضت معها قطعٌ من غيوم بيض ، ركضت كالخراف إلى جانبها.. ارتفع صياح " أسعد". - خذيني معك.. - لا.. لن آخذك، أنت ولد مشاكس - أرجوك.. خذيني.. سأكون عاقلاً! - ثيابك ملطّخة بالحبر.. هذا لايليق أن تذهب. ارتفع صياح الأولاد أكثر.. كانوا يردّدون مع " أسعد": - رزان.. رزان.. و.. هوب.. هوب.. هب.. سقطت من فوق الأريكة. سقطت على البساط المزركش. كانت ماما أمامها.. قربّت وجهها اللطيف، وقالت: - ألم أقل لك.. لاتنامي على طرف الأريكة؟ فتحت " رزان" عينيها وهمست: - كنت أبحث عنك، ياماما!.. | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:05 pm | |
| من يسأل يتعلّم! دائاً أحبّ أن أسأل؛ أحبّ أن أعرف وأن أستفهم عن كلّ شيءٍ تقع عيني عليه.. أميّ تقول: - أنت كثير الفضول، أسئلتك لاتنتهي!. جدّتي تقول أيضاً وهي تصحّح لها: - لاتقولي: إنّه فضولي، قولي: إنه يريد أن يتعلّم، ومن لايسأل لايتعلّم! ذلك الصباح ، كنت ذاهباً إلى دار جدّي، إنّها في الطرف البعيد من المدينة.. الحافلة التي ركبتها كانت مزدحمة، وهناك رجل يشاركني في المقعد، كان يلاصقني تماماً، وعلى الرغم من أنّ التدخين ممنوع في الحافلة؛ لكنّه كان يدخّن!! لفافة طويلة من التّبغ في فمه، ينفث منها دخاناً كريهاً ومزعجاً، وضعت كفّي على أنفي، وأدرت وجهي تفادياً لرائحتها المنفّرة.. والرجل مستمرّ في نفث الدّخان غير مبالٍ بشيءٍ. شعرت بالغيظ، تململت في جلستي ، تمنّيت أن يصعد مفتّش الحافلات في تلك اللحظة، وان يعاقبه بغرامة مالية، كانت هناك ورقة في صدر حافلة الركاّب تنبّه إلى ذلك ، غير أنّ الرجل لم يكن يلتفت إليها، فقط كان ينفث دخان لفافته مثل قاطرة قديمة في محطّة! لقد اسرعت بالنزول قبل أن أصل موقفي الذي يوصلني إلى دار جدّي، كنت أريد أن أتخلّص من هذا الرجل المدخّن، ومن هذه الحافلة المزعجة المزدحمة، أريد أن أستنشق هواءً نظيفاً لايعكّره شيء!.. وفي دار جدّي، أحسست بالسعادة، طالعتني نسيمات ناعمة، هبّت لطيفة هادئة، صافحتْ وجهي وأنا تحت عريشة العنب الممتدّة من البوابة حتى المصطبة الحجريّة.. قلت لجدّي مستفهماً: - ما حكاية هذه اللفافة التي يتعلّق بها بعض الناس يا جدّي؟! ابتسم بهدوء، ثم ربّت على كتفي قائلاً: - هذه الّلفافة لها حكاية طريفة.. بدأت في إحدى المدن الصّغيرة، مدينة جميلة، هادئة، تقع في وسط سهول وجبال وغابات، هواؤها منعش ، وجوّها لطيف، أهلها يعملون بهمّة ونشاط، وجوههم مورّدة تنطق بالصحّة والعافية، ,اجسامهم قوية. ينهضون مع خيوط الفجر الأولى ، ينطلقون إلى حقولهم العامرة، وأعمالهم المزدهرة.. جاءهم ذات يوم تاجر غريب.. يبدو أنّه انتهز فرصة ازدحام النّاس في السّوق، كان يحمل كيساً من التّبغ. وفي ساحة السّوق، صنع لنفسه لفافة تبغ غليظة، ثمّ أشعلها، وبدأ يدخّن أمام دهشة الناس، كان ينادي: - تعالوا، هذا تبغ، له مذاقٌ لذيذٌ، تعالوا.. دخّنوا، وستدخل الفرحة إلى قلوبكم، انظروا، إنّني أصنع سُحُباً صغيرة تتوّج رأسي.. هل تستطيعون أن تفعلوا ذلك مثلي!.. لم يكن أحد من أهل المدينة الصغيرة. يعرف هذا التبغ!.. لم يكن هناك مَنْ رأى هذه النبتة الغريبة!!. اقترب بعض الشبّان ، تناولوا اللفافة المشتعلة، قلّدوا الرجل التاجر، غير أنّهم كانوا ينفثون دخاناًو.. يسعلون.. أح.. أح.. أح.. يضعون أكفهم على صدورهم وهم يسعلون أح.. أح.. أح.. ثم ينصرفون متذمّرين.. ساخطين، وهم يقولون: - لم يبق إلاّ أن ندفع نقوداً حتى نختنق بها!!.. ................... بُحّ صوتُ التاجر وهوينادي: -سأبيع هذا التبغ بالثمن الذي اشتريته به، لن أربح شيئاً.. تعالوا.. دخّنوا، تعالوا.. دخّنوا! ولم يأتِ مشترٍ واحد؛ والكيس في مكانه، لم ينقص شيئاً!. لكنّ التاجر لم ييأس .. فقد أخذ يصرخ هذه المرّة، وهو يحلف بأغلظ الأيمان: - منْ يدخّنُ منْ تبغي لايعضّه كلب!. من يدخّن منْ تبغي لايسرق بيته سارق.. من يدخّن مِنْ تبغي لايشيخ أبداً.. أنا أقسم على ذلك.. أقسم.. أقسم!! وحين سمع الناس ما سمعوا، ورأوا أنّ التّاجر يمعن في امتداح بضاعته، أقبلوا عليه يشترون، ويشترون حتى فرغ الكيس، وانصرف التاجر ظافراً!.. ......... مرّت سنة كاملة، ورجال المدينة الجميلة قد تغيّروا.. بُحّت أصواتهم ، وشحبت وجوههم، فترت هّمتهم، وقلّ نشاطهم ، كانوا يسعلون إذا مشوا، ويسعلون إذا وقفوا، يلهثون في الطرقات، هه.. هه.. آه.. هه.. لقد تغيّروا كثيراً!! وأبصر واحد من أهل المدينة ، ذلك التاجر في السّوق، فأمسك به يجرّه من ثوبه، كان يريد أن يفضحه لأنّه خدع الناس، وحلف أيماناً كاذبة.. قال له: - أيّها التاجر الظالم، أيّ أذى ألحقته بنا!! انظر حولك؟!.. ثم كيف تقسم وأنت تكذب!! قال التاجر بخبث: - لم يكن قسمي كذباً .. أتعرف لماذا لايعضّ الكلب مدخّناً لأنّه سيكون متوكئاً على عصا. والكلب يخاف من العصا وحامل العصا... ولماذا لايسرق داره سارق لأنّ سعال المدخّن لاينقطع طوال الليل، فيظنّ أنه مستيقظ، أمّا لماذا لايشيخ، فالمدخّن لن يعيش حتى الشيخوخة!! ......... ............... وابتسم جدّي، حين وصل إلى ختام حكايته، ابتسمتُ مثله ابتسامةً واثقةً، وقلتُ بحزم: -مَنْ لايدخّنُ يظلَّ قوي الجسم، لايعضّه كلبٌ، ولايجترئُ عليه سارقٌ ولا يشيخ!. بلْ يحيا عمره مبتهجاً سعيداً.. شدّ على يدي ، وقال: - ومَنْ يسألْ يستفدْ ويتعلّم!.. | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:06 pm | |
| دار المدار هذه حارتنا الصغيرة، هذه حارة النحّاسين، وهذا أنا أقف عند التلّة هناك، أنتظر رفاقي وأصدقائي، أدلك كفيّ وأنتظر، فالُّلعبةُ لابدّ أن تبدأ، وها هوذا حسام وأحمد وسمير وبشار قد جاؤوا، إنهم يركضون نحوي، تتشابك أيادينا، تتعانق أصابعنا المنمنمة، تطفح وجوهنا المدوّرة بالمحبّة، تتألّق عيوننا، وتنطلق أصواتنا، وها نحن نمارس لعبتنا المفضّلة نندفع إلى الّلعب ونحن لانعرف التعب، ولعبتنا المفضّلة العجيبة سميناها" دار المدار"، وهي ليست عجيبة فقط، بل خطرة أيضاً، لأنها لاتخلو من متعة، وهي أيضاً لاتخلو من قسوة وخشونة وعنف!.. كلّ طفل يضع حزامه الجلديّ في وسط الساحة التي نلعب فيها ، ومَنْ يقع عليه الدّورُ يمسك بطرف حبلٍ مثبّت في الأرض بوتدٍ، ويدور ضمن دائرة ضيّقة، يحمي أحزمته الجلديّة، والأطفال ينهشون أطراف الدائرة، كلّ واحد يريد أن يستردّ حزامه، وندور، ندور، الساحة كلّها تدور، التلّة نفسها تدور، ترتفع صيحاتنا ، وتشقّ اصواتنا عنان السماء، تظهر رشاقتنا في القفز والشقلبة تزداد سرعتنا ونحن نهتف: - دارَ المدارُ.. دَارْ.. الحارة كلُّها، بأولادها وأطفالها عند التلّة يتحلّقون، واللعبة حامية، والمعركة بدأت ، ونحن نلهث وراء الفرح، تتواثب قلوبنا في صدورنا، وهتافُنا لايتوقّف: - دَارْ.. دَارْ .. دَارْ.. و.. وقع الدّور عليّ، في إحدى المرّات، وجدت نفسي وسط الساحة ، تحت أعين الأطفال جميعاً في موقع المواجهة، وأنا أحمي الأحزمة، يدي الصغيرة ممسكة بالحبل، وعيناي تدوران في كلّ اتجاه، والأيدي ايدي رفاقي بدأت تنوشني من كلّ طرف، والّلعبة بدأت ، وعليّ أن أثبتَ وأُظْهِرَ مَقْدرتَي في هذه الّلُعْبةِ الخَطِرةِ... المعركةُ دارت، والحارة كلّها عرفت أنني في منطقة الخطر، قلبي يكاد يقفز في صدري، كيف أدفع هذه الأيدي؟ كيف أصمد أمام هجمات الأطفال من حولي؟ كيف يمكنني أن أردّها عن انتزاع الأحزمة؟ يالها من لحظات صعبة!.. لكنّني كنت أدور وسط هتافات الأطفال، العالية، أدور.. وأدور، أحمي الأحزمة، وأصدّ الهجوم، لقد سقطت ، هذه المرّة، في الشبكة، سقطت مثل عصفور صغير، الدائرة بدأت تضيق من حولي ، ياإلهي!.. لقد خطف أحد الأطفال حزامه، إنه يلوّح به فوق رأسه، دخلتِ الّلعبةُ، الآن، مرحلةً صَعبةً.. أنّ الحزام سيطير باتجاهي، ولابدّ من أن أتلقّى لسعاته السريعة الخاطفة بقلب شجاع ونفس راضية، وأن أدافع عن بقية الأحزمة!.. يالها من لعبة عنيفة! كنت أصغر من أن أتحمّلها.. تصوّروا.. إنني طفل بطول عقلة الإصبع، يلعب لعبة" دارَ المدار"، ويقف ليستقبل الحزام الجلديّ يلسعه لسعاً لاهباً على ظهره أو كتفه أوساقه.. ربّما تطول اللعبة، ربّما تصير الأحزمة كلُّها في أيدي الأطفال، فماذا تكون النتيجة؟...أيّ " فلقة" ساخنة ستكون من نصيبي؟ ها أنذا أدور وعيناي زائغتان والصّخب يتعاظم من حولي ، والضجيج يملأ فضاء الساحة.. ومن راس الحارة، أطلّ وجه أمي.. كنت أراها هناك. عيناها تبحثان عن ولد صغير شقيّ، ولد بطول " عقلة الإصبع"، لم يكن هذا الولد سواي، لقد رأتني مباشرة، وشعرت عندئذ أنني أقوى من الجميع، شعرت بأنّ قوّة هائلة تدفعني إلى أن أصمد وأن أقاوم الهجمات العنيفة، وأن أزداد تصميماً على حماية الأحزمة، والدائرة ، والسّاحة والتلّة، بل الحارة كلّها!.. كنت أدور، هذه المرة، بسرعة أكبر، لم تعد لسعات أيّ حزام تهمّني، لم أكن أتألّم، قوّتي صارت خارقة، ,أنا أستهين بكلّ هجوم، وتقدّمت أمّي، اقتربت أكثر، وبدون انتظار، انفرط عقد الأطفال من حولي، تفرّقوا مبتعدين، وهم يرون أمّي قد وقفت في ساحة اللعب صامتة، كانت تنظر إليّ وحدي، كأنّما تؤنّبني بصمتها، تلومني على لعبي الأحمق!.. توقّفت الأيدي عن المناوشة، خفتت الأصوات ثم ساد هدوء، أشارت إليّ أن أقترب، اترك هذه الّلعبة السخيفة، وعد إلى البيت!.. تعثّرت في خطواتي، هذا أنا أنسحب من اللعبة، وهذه أمي أنقذتني في اللحظة المناسبة، هل كنت فرحاً أم ماذا؟! لقد نجوتُ .. حلّت أمي المشكلة، ولن أصير أضحوكة! ما الذي قاله الأطفال في الحارة بعدئذ؟ لست أدري، لأنني انصرفت عن كلّ الألعاب السّخيفةِ وشُغلت بدروسي، صارت الكتب والدفاتر والأقلام أصدقائي، ومن وجه أمّي ، من ابتسامتها الحنون ومن عينيها الحلوتين الهادئتين، استلهم نجاحي وتفوّقي، ومن صوتها الدافئ، ودعائها الصّامت، أتابع عملي، وأسير سعيداً مطمئنّاً.. سَلمتِ ياأمي.. ..... كل عام أنت بخير.. | |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:06 pm | |
|
الأرنب المغرور كان في الصفّ الذي دخلته، هذه المرّة، تلاميذ مجتهدون، وبارعون في كلّ شيء، قال لي المشرف وهو يربّت على كتفي: - ستكون هنا، وهذه أفضل شعبة في المدرسة! صمّمتُ أن أكون متميّزاً في دراستي، عزمت على أن أحقّقَ نجاحاً باهراً؛ أفرح أهلي وأجعل أبي يقول أمام زملائه: - انظروا ولدي، إنّه يتقدّم على زملائه في المدرسة!.. ......................... في البيت، كانت لي طاولة صغيرة، أضع فوقها كتبي ودفاتري، وقد اختارت لها أمّي موقعاً قريباً من النّافذة، وحين أجلس إليها ، أحسّ بسعادة لاتوصف، النافذة العريضة تطلّ على حديقة الجيران، والعصافير لاتغادر الشرفة، تنتقل من الإفريز الحجريّ إلى الشجيرات الخضراء، تختفي بين أغصانها وأوراقها، ثم لاتلبث أن تعود وقد ملأت الفضاء بزقزقتها، كنت أسلّي نفسي بمراقبتها، أشرد عن كتبي قليلاً ثمّ أعود إليها،.. أمّا أخي الصّغير فلم يكن همّه إلاّ الّلعب.. يدحرج كرته الملوّنة في الصّالة، ويركض وراءها من غرفة إلى غرفة، كنت أقول: - هو صغيرٌ، لماذا لايأخذُ نصيبه من الّلعب؟ لقد نلتُ حظّاً وافراً، لعبتُ ما فيه الكفاية، وها أنذا أدرس، ولكنْ لا بأس من أخذِ استراحةٍ.. استراحة قصيرة من عناء الدّراسة!. جذبتني الكرة الملوّنة، لم أستطعْ مقاومة إغرائها. أراها أمامي. بين يديّ أخي فأجري معه، نتبادل قذفها هنا وهناك، أدحرجها على حافة الشرفة، ثمّ ألتقطها ببراعة، وأخي يصفّق إعجاباً، وأنا أعيدُ دحرجتها . مرةً تلو المرّة، وبلهفة، أحتضنها بشوق، أنجذبُ إليها، وأردّد: - استراحة قصيرة، استراحة قصيرة؛ ثم أعود إلى كتبي"!!" وما بين شرودي أمام النّافذة، ومراقبتي لأسراب العصافير، وصخب السنونو، وكركرة ضحكات أخي الصّغير، والكرة المتدحرجة فوق حافة الشرفة الحجرّية؛ تنقضي الاستراحة ثمّ تتبعها استراحات! ......... لاحظتْ أميّ ذلكَ.. نبّهتني وقالت مؤنّبةً: - ما أكثر لعبكَ في البيت! أنت لاتدرسُ .. أنت تنسى نفسكَ.. تنسى أنّ هناكَ دروساً لابدَّ منْ قراءتها، ومعلوماتٍ لابدّ منْ حفظها، ومعَ ذلك تلعبُ، وتظلُّ تلعبُ!! تظاهرتُ بأنّني أدرسُ، بعثرتُ كتبي فوقَ الطاولة،و.. شردتُ.. الوقتُ ما زالَ طويلاً، وسأعوّض كلّ شيء في الأيام المقبلة، أمامي الامتحانُ، وسأثبت للجميع مقدرتي وذكائي! ......... على الرغم من أنّ أبي اشترى من أجلي ساعة ذاتَ منبّهٍ قويّ، يوقظني في السادسة صباحاً، وعلى الرغم من أنّ جدّتي تردّد دائماً: - البركة في البكور.. وعلى الرغم من أنّ ديك الجيران ذا الحنجرة القوية يصيح كلّ صباح: - كوكوكوكو.. كي كي كي .. كي لكنّني لم أستيقظ باكراً،... النّوم لذيذ، ماأحلاه وما أجمل أن أستسلم إليه!.. أسكت صوت المنبّهِ مباشرةً، وأردّد مغتاظاً لدى سماعي صوت الدّيك: -كان يجب أن يقطعوا رأسك! وتنسلّ خيوطُ الشمس عبر النّافذة، تتراقص أشعتها مثلما تتراقصُ الكلمات فوق دفاتري وكتبي، ولكنّني لا أستيقظ باكراً.. وركضتِ الدقائقُ ، ركضتِ السّاعاتُ، ركضتِ الأيامُ وأنا ما زلت اقول: - هناك فسحةٌ لأدرس، وأدرس وسأكون متفوّقاً. بنيتُ قصوراً على الماء، وزملائي في المدرسة صاروا يتقدّمونني، والامتحان يقترب، يدقُّ الأبواب.. وأنا تسحرني الكرةُ الملوّنة، وزقزقة العصافير ، والنافذة العريضة ، واللعب والشّرود، وإحصاءُ عددِ بلاطات الغرفة، والركضُ وراء أخي الصّغير؛ أعرضُ عليه مهارتي في دحرجة الكرة على حافّة الشرفة والتقاطها قبل أن تسقط ..كنت ضعيف الإرادة في التّركيز، وراء طاولتي الصّغيرة، وشعرتُ أنّ أمّي أصابها المللُ من كثرةِ التنبيهِ والتأنيبِ.. شعرت أنّ كتبي نفسها وأوراقي وأقلامي تنظر إليّ باستغراب ونفور، فأنا لم أعد صديقها المفضل. وهي لم تعد تسليتي وهدفي"!!" ........... في أول يوم من أيام الامتحان، سلّمتُ ورقةَ الإجابة، كانت أصابعي ترتجفُ، ووجهي قد أصابهُ الشحوبُ، لم أكن أعرفُ ماذا أكتب! فالأسئلةُ أصعبُ مما توقّعت.. ورأيت وجوه زملائي وأصدقائي باسمة، وهادئةً... كانوا يخرجون من مقاعدهم وفي نظراتهم بريقُ الثّقة والطّموح، والأمل.. ولست أدري كيف تذكّرتُ تلك اللحظةَ حكاية الأرنب والسلحفاة، كان أستاذنا يحكيها لنا.. ما زلت أرى أمام عينيّ ذلك الأرنب المغرورَ وهو يستلقي تحت الشجرة، ساخراً من السلحفاة البطيئة التي تدبّ إلى نهاية السّباق، كان يريدُ أن ينامَ ويرتاحَ، لأنّه بقفزة واحدة يصلُ إلى الهدف فلماذا يتعبُ نفسه؟ وماذا كانت النتيجة؟.. السلحفاة الدؤوب التي لم تتوقّف لحظةً وصلت إلى خطّ النّهاية، وانتصرت.. أمّا الأرنب فلا يزال يغطّ في أحلامه... ترى هل كنتُ أرنباً مغروراً؟...
| |
|
| |
نسمة أمل صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 4364 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:07 pm | |
| كفّا أمّي في الصّباح.. نخرج من البيت ، أنا وأخوتي، إلى المدرسة، وعلى الرغم من أنّ المدرسة قريبة، لكنّنا نبكّر في الذّهاب إليها.. في الصباح .. نترك البيت، والفوضى تشمل كلّ شيء.. الطاولة في غرفة الجلوس غير مرتّبة، الكراسي ليست في مكانها، المساند مبعثرة هنا وهناك كتبنا، أقلامنا، تحت المنضدة، بين الكراسي، خلف المكتبة الصغيرة ، ومع ذلك، أمّي لاتثور..ولا تغضب!.نسمعها تقول هامسةً: -لابأس، أولادي ما يزالون صغاراً، سيكبرون..نعم.. سيكبرون، وعندئذ يساعدونني، ويرتّبون البيت معي!..تسرع أمّي إلى غرفة جلوسنا، تعيد كلّ شيء إلى موضعه، الكتب المبعثرة تُرتِّب في المكتبة الصّغيرة، الطاولة تتوسّط الغرفة، وغطاؤها الورديّ النظيف يستريح فوقها بهدوء، المساند رجعت إلى أماكنها، الكراسي اصطفت من جديد، بعد أن تفرّقت في زوايا الغرفة، حتى أقلامنا المرتجفة استعادت فرحتها، وهي تجتمع بعد رحلة الفوضى اليومية!... وفي رشاقة ومرح، رفعت المزهرية رأسها، وقد ازدانت بالأزهار البيضاء والحمراء والمنضدة هناك نظيفة، لا أثر للغبار فوقها، والزجاج يلمع، والغرفة كلّها غرقت في ضوء حالم!.. كلّ الأشياء رقصتْ من السعادة، فلمسات أمّي السحرية، أحالت الغرفة إلى جنّة مرتّبة، أنيقة، كلّ الأشياء كانت تهمس برقّة: - شكراً.. شكراً لهاتين الكفّين الحانيتين!.. ................ في الظهيرة.. نعود إلى البيت.. تقول أختي سلمى: - أمّي، أسعد يسعل! تهزّ أمي رأسها، تردّ خصلة شعرها عن جبينها تظهر لهفتها وهي تسرع.. تتناول شراباً وملعقة تهمس لأسعد: - لابأس.. تعال.. تمدّ كفّاً حانية، تمسح رأسه، وتقول: - تناولْ هذا.. خذ ملعقتين، فقط، وسيتوقّف السعال!.. يأتي أحمد.. - أمّي.. تلمّسي، جبيني!. تقترب أمّي.. كفّها يتحسّس جبين أحمد.. - ياه..هناك حرارة!. سأضع لكَ كمّادات!.. لاتنزعجْ.. ستزول بسرعة!.. تبكي صفاء.. تشير إلى قدمها الصغيرة.. - هُنا.. هُنا!.. تنحني أمّي ، تسأل: - أين.. أين! تمسّد بأصابعها الناعمة قدم صفاء، تظلّ تمسّد وهي تبتسم.. حتى تجعلَ دموعها تختفي.. .......... بعد الظهر.. تفاجئنا أمّي بما صنعتْ كفّاها من أطايب الطّعام، تهتف بنا: - هيّا.. ذوقوا، ياصغاري، ذوقوا!.. أمّي ماهرة،... ماهرة في كلِّ ما تقدّمُه لنا، ونحن نحبّ طعامها وحلواها.. ........ عند المساء.. تهتزّ أصابع أختي وهي تمسك بالقلم.. إنّها تتعثّر في كتابة الوظائف، تجلس أمي قربها، تقول بلطف: - ليس هكذا .. لاتضغطي على الورق. تتمزّق الصفحة إذا ضغطت عليها.. ثم تأخذ الكتاب، وتسأل: - هل حفظتم هذا النشيد؟ منْ يسمعني أولاً؛ نتحلق حول أمّي.. نفتح دفاترنا، نعرض عليها ما كتبنا، نقلّب صفحات وصفحات، وأمّي تصغي إلينا ، تبتسم مرة ، وتعبس مرّة، وكفّاها يشيران هنا وهناك، كفّاها يوجّهان ويرشدان، وعيناها بالحبّ والحنان تفيضان.. وقبل أن ننام ، ننحني أمامها، نقبّل كفّيها الحانتين، قبل أن تنشغلا بعمل آخر، وننطلق إلى النوم هانئين سعداء.. | |
|
| |
رنيـ الصمت ـن صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 3074 تاريخ التسجيل : 07/07/2007
بطاقة شخصية ملاحظاتي:
| موضوع: رد: أكبر مكتبة قصص للأطفال الجمعة أغسطس 31, 2007 5:55 pm | |
| | |
|
| |
missou عضو جديد
عدد الرسائل : 33 العمر : 28 تاريخ التسجيل : 16/02/2008
| |
| |
| أكبر مكتبة قصص للأطفال | |
|