السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
يوجد نوعان من الناس ،
والنوعان يجيدان التفاخر بأنفسهم والزهو بها،
النوع الاول :
يحسن التفاخر بنفسه فيصدقه الناس لأنه يتفاخر بنفسه بأعصاب باردة وبشئ من نبرة المزاح .
النوع الثانى : لا يحسن التفاخر بنفسه فلا يصدقه الناس وينفرون منه ويصفونه بالغرور أو الجنون وهذا النوع ذو حساسية شديدة وأعصاب منفعلة وتراه يفاخر بنفسه فى جهامة الجاد الذى لا يعرف المزاح فينصرف عنه الناس ويهملوه .
والذى لا شك فيه أن جرأة الانسان فى التفاخر بنفسه ، خير من تواضع المرء فى عرض نفسه، وذلك لأن المزدهى المتفاخر بنفسه إذا صدقه الناس ارتفع أمام نفسه وأمام الآخرين .
وإذا صدقوا المتواضع فى تواضعه انخفض فى رأى نفسه وفى رأى الناس ويهملوه . لأن هذا ينبع من طبيعة الانسان .
طبيعة الانسان : أنه يسعى ليحقق لنفسه أكبر سعادة ممكنة فى ظروفه القائمة من حوله ليحقق الضمان لاستمرار بقاؤه . فالانسان يسير نحو القوة فى صحة أو مال أو جاه ليشعر بالسعادة وإذا سار نحو الضعف فى صحته أو ماله أو جاهه فيشعر بالألم والشقاء .
والانسان إذ ينشد القوة – ليضمن البقاء – لا يقنع بمقدار معين منها ، بل يسعى ليظفر بمزيد من القوة ليزداد قوة على قوة ، لذا فهو يريد صحة فوق صحته ومالاً فوق ماله وجاه فوق جاهه انه فى ذلك كله لا يريد الزيادة فى ذاتها ، لأنه قد يعلم أن ما لديه يكفيه ، لكنه يريد هذه الزيادة ليزداد ضمانه ببقاء هذا الذى يكفيه ، فيضمن بالتالى الا تتعرض حياته لخطر أو عدوان الآخرين عليه .
وتبعاً لطبيعة الانسان السابقة فإنه لذلك تشتد به الرغبة فى أن يخشاه الناس ويطيعوه ، لأنه بمقدار ما يجد عند الناس من خشية وطاعة ، يتحقق له ما يريده فيكون فى موقف حصين فلا يسهل الاعتداء عليه أو النيل منه أو ضياع حقوقه .
ان الانسان يأخذ فى التصرف على أساس أنه سيد مسيطر ويطالب غيره بالخضوع والاذعان (وهذه
طبيعة الغاب فيه ) وبهذا فهو يجد نفسه أمام امرين : -
أولاً : أن يأخذه هؤلاء الناس الذين يطالبهم بالخضوع مأخذ الجد فتثور فى أنفسهم هم الآخرين فطرة السيادة ويكون بينهم وبينه قتالاً يظهر الأقوى حقاً وفعلاً .
ثانياً : أن يأخذه هؤلاء الناس مأخذ المزاح فيهملوه ، وعندئذ يثور غروره فيقالتهم حتى يتبين أيضاً القوى حقاً وفعلاً .
( ففى الحالتين يقع قتالاً ليظهر فيه أيهم الأقوى والأحق بالسيادة على الآخرين )
( وموضع المهزوم يشعر بدافعين : الغرور يملى عليه استئناف القتال حتى يسترد سيادته أو يتهاون مع الناس فى حدود المستطاع ليعيش بينهم ) .