وصفة البنــّـا لجمع القلب خلال الصلاة
- يرحم الله الإمام الشهيد حسن البنا إذ يقول: " يشكو كثير من الإخوان أن القلب يتفرق ولا يتجمع على الله تبارك وتعالى في الصلاة، والعلاج الذي يبرئ من هذا أو يخففه على الأقل ملاحظة قاعدة مهمة هي أن تفقه يا أخي حكمة كل عمل من أعمال الصلاة وتلاحظ هذه، ولكن لا تتعمق في ملاحظتها، فحين تستقبل القبلة اجتهد قبل أن تكبر أن تجعل الشعاع الخارجي من قلبك واصلاً إلى الكعبة المشرفة.. وتصور أن الله تبارك وتعالى ناظر إليك ورقيب عليك.
- وحين تكبّر تصور يا أخي أنك تنبذ هذه الدنيا وراءك ظهرياً.. وإذا استطعت أن تجمع قلبك في هذه اللحظة تمكنت من أن تمسك بزمامه، فلا يفلت بعد هذا ثم تقرأ الفاتحة.
- وتصور يا أخي الحديث القدسي قال الله تعالى: ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ؛ فإذا قال العبد: { الحمد لله رب العالمين } ، قال الله: حمدني عبدي ، فإذا قال: { الرحمن الرحيم } ، قال الله : أثنى علي عبدي ، فإذا قال: { مالك يوم الدين } ، قال: مجدني عبدي ، فإذا قال: { إياك نعبد وإياك نستعين } ، قال: هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال: { اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } ، قال: هذا لعبدي ، ولعبدي ما سأل ) صحيح الجامع.
- فتصور يا أخي هذا المعنى الكريم وأنت تقرأ الفاتحة.. وتذكر قوله تعالى: ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ). القمر- 17.
- ثم إذا ركعت فتصور أنك تنحني انحناءة تعظيم لله تبارك وتعالى. فناجه بقولك ( سبحان ربي العظيم ) وقولك: ( اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي ) ثم ترفع حتى تعود الأعضاء إلى مفاصلها فتقول سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا راد لما قضيت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
- ثم بعد ذلك تسجد يا أخي.. وهي انحناءة تعظيم لله تكون فيها أقرب ما تكون إليه سبحانه قال صلى الله عليه و سلم : "أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد" فتناجي ربك بقولك: ( سبحان ربي الأعلى ) وقولك ( اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ).. ثم ترفع من سجودك حتى تستقر الأعضاء فتقول: ( اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وعافني وارزقني ).
- ثم في الركعة الأخيرة تختم ياأخي صلاتك بالتشهد وفيه الافتتاح بإثبات التحيات كلها والاعتراف بالوحدانية له سبحانه.. وبالرسالة لسيدنا محمد ص، فتكون قد بدأت رحلة روحية ودعت فيها الدنيا ونبذتها وراء ظهرك وفررت منها إلى ربك قائلاً: ( إني ذاهب إلى ربي سيهدين ).
- وبهذا تذوق من حلاوة الصلاة ما لم يتذوقه غيرك من الغافلين عنها بملاحظتك للمعاني السابقة في الصلاة بجمع قلبك وتصفية نفسك وروحك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ".