تزويج النبي –صلى الله عليه وسلم- لبناته:
الزواج سنة من سنن الله في خلقه، وأمر مرغوب فيه حثَّ إليه ديننا الحنيف ودعى إليه قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[34] وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}.
وامتثالاً لأمر الله عز وجل وأمر رسوله –صلى الله عليه وسلم- يجب على الأب أن يزوج بناته و لا يعضلهن ويمنعهن من الزواج لأي سبب من الأسباب فواجب الأب أن يزوج ابنته وأن يختار لها الكفء من الرجال والكفء معروف هو صاحب الدين والخلق قال النبي –صلى الله عليه وسلم– "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" أخرجه الترمذي
وقد زوج النبي –صلى الله عليه وسلم- جميع بناته من خيرة الرجال: فزوج زينب –رضي الله عنها- من أبي العاص بن الربيع القرشي -رضي الله عنه- وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد وأبو العاص كان من رجال مكة المعدودين مالاً، وأمانة، وتجارة .
وقد أثنى النبي –صلى الله عليه وسلم- على أبي العاص بن الربيع في مصاهرته خيراً وقال: "حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي" وكان قد وعد النبي أن يرجع إلى مكة، بعد وقعة بدر، فيبعث إليه بزينب ابنته، فوفى بوعده، وفارقها مع شدة حبه لها .
ومما يدل على شهامته وصدقه قصة إسلامه -رضي الله عنه- فقد كان في تجارة لقريش إلى الشام وفي طريق عودته إلى مكة المكرمة لقيته سرية فأخذوا ما معه، وجاء تحت الليل إلى زوجته زينب – وقد كانت في المدينة وفرق بينهما الإسلام فهو لم يدخل في الإسلام بعد – فاستجار بها فأجارته وخرجت والنبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالناس الفجر فقالت: "أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع" فلما سلم الرسول –صلى الله عليه وسلم- أقبل على الناس فقال: "أيها الناس هل سمعتم الذي سمعت ؟" قالوا :"نعم" قال: "أما والذي نفسي بيده ما علمت بشيىء حتى سمعت ما سمعتم وأنه يجير على المسلمين أدناهم" ثم انصرف رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فدخل على ابنته زينب فقال: "أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له" قال: وبعث –صلى الله عليه وسلم- فحثهم على رد ما كان معه فردوه بأسره لا يفقد منه شيئاً فأخذه أبو العاص فرجع به إلى مكة فأعطى كل إنسان ما كان له ثم قال: "يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟" قالوا: "لا فقد وجدناك وفياً". قال: "فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، والله ما منعني عن الإسلام عنده إلاَّ تخوف أن يظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت .
وقد زوجه النبي –صلى الله عليه وسلم- من ابنته زينب عندما طلبت منه أمها خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها- أن يزوجها له فوافق النبي –صلى الله عليه وسلم- على طلبها ، لما يعرف من رجاحة عقلها وثقتها بابن أختها فكانت تعده بمنزلة ولدها.
وهنا درس نبوي كريم في تزويج البنات هو أنه لا مانع من أخذ رأي والدة البنت والتشاور معها ففي ذلك إكراماً لها واعترافاً بحقها.
وزوَّج النبي –صلى الله عليه وسلم- رقية من عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الخليفة الراشد الزاهد الجواد السخي الحيي، وكان من أبرز أخلاقه وأشدها تمكناً من نفسه خلق الحياء، الذي تأصل في كيانه؛ لذا فقد أشاد الرسول –صلى الله عليه وسلم- بهذا الحياء الواسع العميم فقال: "إن عثمان رجلٌ حييّ" ، وقال – صلى الله عليه وسلم : "ألاَّ أستحي من رجل تستحي منه الملائكة " أخرجه مسلم .
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم - يحبه كثيراً فلما توفيت رقية –رضي الله عنها– زوجه النبي –صلى الله عليه وسلم- بأختها أم كلثوم ولما ماتت أم كلثوم قال النبي –صلى الله عليه وسلم- "لو كان عندي ثالثة لزوجتها عثمان"
وزوَّج فاطمة –رضي الله عنها– من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ابن عمه –صلى الله عليه وسلم- وكان أول من آمن برسول الله –صلى الله عليه وسلم- من الصبيان ، وكان قد تربى في حجر الرسول –صلى الله عليه وسلم- قبل الإسلام ولم يزل علي مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم-حتى بعثه الله نبياً
يقول ابن كثير رحمه الله: "كان أبو طالب ذا عيال كثيرة، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لعمه العباس، وكان من أيسر بني هاشم: "يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق حتى نخفف عنه من عياله"، فأخذ رسول الله– صلى الله عليه وسلم - علياً فضمه إليه، فلم يزل مع رسول الله حتى بعثه الله نبياً فاتبعه علي وآمن به وصدقه"
و البنت أمانة في بيت والديها ولابد أن تنتقل إلى بيت زوجها يوماً ما، وقد أوجب لها ديننا الإسلامي الحنيف حق الاستئذان في الزواج فلا يحل لوليها أن يعقد لها على رجل تكرهه قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولاتنكح البكر حتى تستأذن".قالوا: "يا رسول الله، وكيف إذنها؟" قال: "أن تسكت" أخرجه البخاري
فكلمة تستأمر في حق الثيب تفيد طلب الأمر فلا يعقد عليها إلاَّ بعد طلب أمرها وإذنها بذلك، وكلمة تستأذن في حق البكر تعنى طلب إذنها وموافقتها على النكاح ، وإذا عقد الأب لابنته وهي كارهة فالعقد مردود "عن خنساء بنت خدام الأنصارية:أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فرد نكاحها ، أخرجه البخاري في صحيحه .
و كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يستشير بناته قبل تزويجهن فعندما خطب علي -رضي الله عنه- فاطمة –رضي الله عنها– قال لها الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "إن علياً يذكرك" فسكتت فزوجها " أخرجه ابن سعد في الطبقات .
وهنا يجب على الآباء أن يتأكدوا من موافقة البنت قبل إجراء العقد لها.
ويخطئ بعض الآباء من ترديد كلمة نحن أعلم بمصلحتها – لا شك– أن الأب يفوق ابنته في الخبرة، وطول التجربة في الحياة، ومعرفة الرجال ولكن على الرغم من ذلك يجب عليه أن لا يحيد عن تعاليم الإسلام، ولا يجبر ابنته على رجل تكرهه بل عليه أن يستأذنها ويعرف رأيها قبل إجراء عقد النكاح، وفي ذلك خير كبير حيث تشعر البنت بكيانها وأهميتها وتبدى رأيها في الرجل الذي ستنتقل إلى بيته وهو أدعى لدوام السعادة والوفاق لاقتناع كل من الطرفين بصاحبه فالزوج أباح له الإسلام النظر إلى من ينوى نكاحها، وهي كذلك تراه وتستشار في الموافقة على إجراء العقد وهذه من عظمة ديننا الإسلامي الحنيف.
صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم
والصداق في الزواج حق من حقوق الزوجة يدفعه لها الزوج قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} وسنة النبي –صلى الله عليه وسلم– وهديه عدم التغالي في الصداق، بل إن خير الصداق أيسره قال الإمام ابن القيم –يرحمه الله-: "إن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره " فقد زوَّج النبي –صلى الله عليه وسلم- بناته على اليسير من الصداق فبعد أن تمت الموافقة على زواج علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- من فاطمة حُب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأصغر بناته جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فسأله النبي "ما تصدقها؟" فقال علي: "ما عندي ما أصدقها" فقال الرسول –صلى الله عليه وسلم- "فأين درعك الحطمية التي كنت قد منحتك؟" قال علي: "عندي". قال النبي–صلى الله عليه وسلم- "أصدقها إياها" فأصدقها و تزوجها وكان ثمنها أربعمائة درهماً ، أخرجه ابن سعد في الطبقات
هذا هو صداق بنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وحبه وأصغر بناته سيدة نساء أهل الجنة.
وما يفعله بعض الناس في زماننا من التغالي في المهور هو أبعد ما يكون عن هدي رسول الله –صلى الله عليه- و هو أمر خطير له أضراره على الفرد وعلى المجتمع والدين الإسلامي دين اليسر والسهولة
وفي أمر الزواج لا يقتصر اليسر على الصداق بل يمتد إلى الوليمة التي يُشهر بها الزواج وهي أمر دعى إليه الإسلام وحثَّ عليه فكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يولم في زواجه باليسير من النفقة، فعن صفية بنت شيبة قالت: "أولم النبي –صلى الله عليه وسلم- على بعض نسائه بمدين من شعير"
وكذلك في زواج أصحابه رضي الله عنهم فعن أنس -رضي الله عنه -: "أن النبي –صلى الله عليه وسلم- رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، قال: "ما هذا؟" قال: "إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب"، قال: "بارك الله لك، أولم ولو بشاة" رواه البخاري.
وفي زواج بناته رضي الله عنهن كذلك مظهر من مظاهر اليسر في الوليمة ففي ليلة زواج فاطمة رضي الله عنها قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "يا علي لا بد للعروس من وليمة". فقال سعد بن معاذ -رضي الله عنه-: "عندي كبش". وجمع رهط من الأنصار أصواعاً من ذرة وأولم الرسول –صلى الله عليه وسلم - أخرجه ابن سعد في الطبقات.
رعاية النبي –صلى الله عليه وسلم- لبناته بعد الزواج:يختلف الناس في النظر إلى علاقة البنت بوالديها بعد الزواج: فمنهم من يرى أنه يجب على الأبوين أن يتركوا البنت وشأنها بعد الزواج لدرجة أن علاقتهم بها شبه مقطوعة فلا تزاور من طرف الأهل، بزعمهم أن هذا أدعى لسعادتها الزوجية واستمرار العلاقة بينها وبين زوجها وأهله.
وفي المقابل نجد أن هناك من الأسر من يتدخل في حياة ابنتهم بشكل مباشر فيتطلعون إلى معرفة كل صغيرة وكبيرة في حياة ابنتهم، ولهذا التدخل سلبياته التي تؤدي إلى إفساد الحياة الزوجية، لدرجة قد تصل إلى الطلاق! فما هو الهدي النبوي في هذا الجانب من حياة البنات؟.
كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يزور بناته بعد الزواج ويدخل عليهن الفرح والسرور، فقد زار النبي –صلى الله عليه وسلم- فاطمة –رضي الله عنها– بعد زواجها ودعا لها ولزوجها بأن يعيذهما الله وذريتهما من الشيطان الرجيم .
ولم يكن يشغله –صلى الله عليه وسلم- عن بناته –رضي الله عنهن– شاغل بل كان يفكر فيهن وهو في أصعب الظروف وأحلكها فعندما أراد النبي –صلى الله عليه وسلم- الخروج لبدر لملاقاة قريش وصناديدها كانت رقية –رضي الله عنها– مريضة فأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- زوجها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن يبقى في المدينة؛ ليمرضها وضرب له بسهمه في مغانم بدر وأجره عند الله يوم القيامة .
ويجب على الأب أن يحافظ على بيت ابنته وسعادتها مع زوجها وأن يتدخل إذا لزم الأمر ويحرص على الإصلاح بينها وبين زوجها بشكل يضمن إعادة الصفاء إلى جو الأسرة.
فقد حدث أنه كان بين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وزوجته فاطمة الزهراء –رضي الله عنها– كلام فدخل عليهما النبي –صلى الله عليه وسلم- حتى أصلح ما بينهما .
وأحياناً يقع الطلاق على الزوجة ظلماً وعدواناً، عندها تحزن البنت كثيراً ويحزن أهلها لحزنها، والعزاء في ذلك أن ابنتي الرسول –صلى الله عليه وسلم-: رقية وأم كلثوم طلقتا من عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب ظلماً بدون سبب إلاَّ أنهما صدقتا ما قاله النبي –صلى الله عليه وسلم-: من أنه أوحي إليه وأنه نبي هذه الأمة، الكلام الذي أغضب قريش فقد تزوج عتبة بن أبي لهب من رقية بنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فلما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} قال أبو لهب: "رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق بنت محمد ففارقها قبل الدخول" .
ولم يكتف أبو لهب بذلك بل أمر ابنه عتيبة أن يطلق أم كلثوم بنت النبي –صلى الله عليه وسلم- ظناً منه أنه بذلك يستطيع أن يشغل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن دعوته .
هنا درس للبنات وللآباء بأن يصبروا ويحتسبوا الأجر من الله جلَّ وعلا، وأن ما وقع من الطلاق ظلماً ما هو إلاَّ ابتلاء سوف يعوضهم الله خيراً فقد عوض الله ابنتي الرسول –صلى الله عليه وسلم- خيراً من عتبة وعتيبة، عوضهما زوجاً صالحاً كريماً هو عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أحد العشرة المبشرين بالجنة وثالث الخلفاء الراشدين، فقد تزوج عثمان -رضي الله عنه- برقية وبعد وفاتها تزوج بأختها أم كلثوم قال الله تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً}
وقد يحدث أن يفقد الأب بعض بناته بموتهن فالموت نهاية كل حي وهو المصير المحتوم الذي لا مفر منه قال الله تعالى:
{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ}
وليعلم من ابتلى بفقد إحدى بناته أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- فقد جميع ذريته من الذكور والإناث ولم يبق بعد وفاته إلاَّ فاطمة الزهراء –رضي الله عنها- وهديه –صلى الله عليه وسلم- في وفاة بناته رضي الله عنهن، أنه كان يحزن لوفاتهن وتذرف عيناه الدمع على فراقهن، يقول أنس بن مالك -رضي الله عنه- في نبأ وفاة أم كلثوم –رضي الله عنها–"شهدنا بنتاً لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- جالسٌ على القبر، قال فرأيت عينيه تدمعان، وقال: "هل منكم رجل لم يقارف الليل؟" قال أبو طلحة: "أنا" قال: "فانزِل" قال: "فنزل في قبرها " رواه البخاري.
والدموع هذه ليست دموع جزع وسخط من قضاء الله وقدره -والعياذ بالله- إنما هي دموع رحمة وشفقة تذرف من عيون الرحماء روى أسامة بن زيد –رضي الله عنه- قال: "أرسلت ابنة النبي –صلى الله عليه وسلم- إليه: أن ابناً لي قبض، فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: "إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" فأرسلت إليه تقسم ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ ابن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال فرُفع إلى رسول
الله –صلى الله عليه وسلم- الصبي ونفسه تتقعقع – قال: حسبته قال:كأنها شن- ففاضت عيناه، فقال سعد: "يا رسول الله ما هذا؟" فقال: "هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" رواه البخاري
ومن هديه –صلى الله عليه وسلم- في وفاة بناته –رضي الله عنهن– أنه كان يشرف على غسلهن وتكفينهن، ويصلى عليهن ويدفنهن، ويقف على قبورهن ويدعو الله لهن. فعن أم عطية –رضي الله عنها- قالت: "دخل علينا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسل ابنته فقال: "اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافوراً. فإذا فرغتن فآذنني". فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوة فقال: "أشعرنها إياه".
وفي كيفية الغسل قالت أم عطية –رضي الله عنها- قالت: "لما غسلنا بنت النبي –صلى الله عليه وسلم-، قال لنا ونحن نغسلها: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" أخرجه البخاري .
وكان –صلى الله عليه وسلم- يقف على قبر من توفي من بناته ويدعو لها فقد كانت رقية –رضي الله عنها– مريضة أثناء غزوة بدر فأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- زوجها عثمان بن عفان –رضي الله عنه- بالبقاء إلى جانبها لتمريضها. ولما عاد –صلى الله عليه وسلم- من الغزوة وقد ماتت ابنته رقية، خرج إلى بقيع الغرقد ووقف على قبرها يدعو لها بالغفران
فنسأل الله تعالى أن يصلح بناتنا و يرزقهن العفاف والستر والاقتداء بأمهات المؤمنين وبنات الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم .